responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 275

إذا قيل : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ، ثم يقول : كان معناه أن إيتاء الله له العلم والفقه مما عنده وتربيته له بتربية ربانية لا يدعه أن يعدو طور العبودية ، ولا يوسع له أن يتصرف فيما لا يملكه ولا يحق له كما يحكيه تعالى عن عيسى عليه‌السلام في قوله : (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ) المائدة ـ ١١٦.

ومن هنا تظهر النكتة في قوله : أن يؤتيه الله « الخ » دون أن يقال : ما كان لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول « الخ » فإن العبارة الثانية تفيد معنى أصل التشريع كما تقدم بخلاف قوله : أن يؤتيه الله « الخ » فإنه يفيد أن ذلك غير ممكن البتة أي أن التربية الربانية والهداية الإلهية لا تتخلف عن مقصدها كما قال تعالى : ( اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء ( يعني قوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين ) الأنعام ـ ٨٩.

فمحصل المعنى أنه لا يسع لبشر أن يجمع بين هذه النعم الإلهية وبين دعوة الناس إلى عبادة نفسه بأن يؤتى الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ، فالآية بحسب السياق بوجه كقوله تعالى : (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ـ إلى أن قال ـ : وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ) النساء ـ ١٧٣ ، فإن المستفاد من الآية : أن المسيح وكذا الملائكة المقربون أجل شأناً وأرفع قدراً أن يستنكفوا عن عبادة الله فإن الاستنكاف عن عبادته يستوجب أليم العذاب ، وحاشا أن يعذب الله كرام أنبيائه ومقربي ملائكته.

فان قلت : الإتيان بثم الدالة على التراخي في قوله : ثم يقول للناس ، ينافي الجمع الذي ذكرته.

قلت : ما ذكرناه من معنى الجمع محصل المعنى ، وكما يصح اعتبار الاجتماع والمعية بين المتحدين زماناً كذلك يصح اعتباره بين المترتبين والمتتاليين فهو نوع من الجمع.

وأما قوله : (كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ ) ، فالعباد كالعبيد جمع عبد ، والفرق بينهما أن العباد يغلب استعماله فيما إذا نسب إلى الله سبحانه ، يقال عباد الله ، ولا

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 3  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست