نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 126
ويظهر به ايضا ما في قول آخرين ان
المراد بالناس بنو اسرائيل حيث ان الله يذكر انهم اختلفوا في الكتاب بغيا بينهم ،
قال تعالى : ( فما اختلفوا الامن بعدما جائهم العلم بغيا
بينهم )
الجاثية ـ ١٦ ، وذلك أنه تفسير من غير دليل ، ومجرد اتصاف قوم بصفة لا يوجب
انحصارها فيهم.
وأفسد من ذلك قول من قال : إن المراد
بالناس في الآية هو آدم عليهالسلام
، والمعنى ان آدم عليهالسلام
كان أمد واحدة على الهداية ثم اختلف ذريته ، فبعث الله النبيين الخ ، والآية
بجملها لا تطابق هذا القول لا كله ولا بعضه.
ويظهر به ايضا فساد قول بعضهم : إن كان
في الآية منسلخ عن الدلالة على الزمان كما في قوله تعالى : ( وكان الله
عزيزا حكيما )
الفتح ـ ٧ ، فهو دال على الثبوت ، والمعنى : ان الناس أمة واحدة من حيث كونهم
مدنيين طبعا فإن الانسان مدني بالطبع لايتم حياة الفرد الواحد منه وحده ، لكثرة
حوائجه الوجودية ، واتساع دائرة لوازم حياته ، بحيث لا يتم له الكمال إلا
بالاجتماع والتعاون بين الافراد والمبادلة في المساعي ، فيأخذ كل من نتائج عمله ما
يستحقه من هذه النتيجة ويعطي الباقي غيره ، ويأخذ بدله بقية ما يحتاج إليه ويستحقه
في وجوده ، فهذا حال الانسان لا يستغني عن الاجتماع والتعاون وقتا من الاوقات ،
يدل عليه ما وصل الينا من تاريخ هذا النوع الاجتماعي المدني وكونه اجتماعيا مدنيا
لم يزل على ذلك فهو مقتضى فطرته وخلقته غير ان ذلك يؤدي إلى الاختلاف ، واختلال
نظام الاجتماع ، فشرع الله سبحانه بعنايته البالغة شرائع ترفع هذا الاختلاف ،
وبلغها إليهم ببعث النبيين مبشرين ومنذرين ، وإنزال الكتاب الحاكم معهم للحكم في
موارد الاختلاف.
فمحصل المعنى ان الناس أمة واحدة مدنية
بالطبع لاغنى لهم عن الاجتماع وهو يوجب الاختلاف ، فلذلك بعث الله الانبياء وانزل
الكتاب.
ويرد عليه اولا : انه اخذ المدنية طبعا
اوليا للانسان ، والاجتماع والاشتراك في الحياة لازما ذاتيا لهذا النوع ، وقد عرفت
فيما مر ان الامر ليس كذلك ، بل امر تصالحي اضطراري ، وان القرآن ايضا يدل على
خلافه.
وثانيا
: ان تفريع بعث الانبياء وإنزال الكتب
على مجرد كون الانسان مدنيا بالطبع غير مستقيم إلا بعد تقييد هذه المدنية بالطبع
بكونها مؤدية إلى الاختلاف ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 126