نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 125
القدرة ، وفيهم
الضعفاء ومن في رتبتهم ، وهو منشأ ظهور الاختلاف الاختلاف الفطري الذي دعت إليه
قريحة الاستخدام ، كما دعت هذه القريحة بعينها إلى الاجتماع والمدنية.
ولا ضير في تزاحم حكمين فطريين ، إذا
كان فوقهما ثالث يحكم بينهما ، ويعدل امرهما ، ويصلح شأنهما ، وذلك كالانسان
تتسابق قواه في افعالها ، ويؤدي ذلك إلى التزاحم ، كما ان جاذبة التغذي تقضي بأكل
ما لا تطيق هضمه الهاضمة ولا تسعه المعدة ، وهناك عقل يعدل بينهما ، ويقضي لكل بما
يناسبه ، ويقدر فعل كل واحدة من هذه القوى الفعالة بما لا يزاحم الاخرى في فعلها.
والتنافي بين حكمين فطريين فيما نحن فيه
من هذا القبيل ، فسلوك فطرة الانسان إلى المدنية ثم سلوكها إلى الاختلاف يؤديان
إلى التنافي ، ولكن الله يرفع التنافي برفع الاختلاف الموجود ببعث الانبياء
بالتبشير والانذار ، وانزال الكتاب الحاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.
وبهذا البيان يظهر فساد ما ذكره بعضهم :
ان المراد بالآية ان الناس كانوا أمة واحدة على الهداية ، لان الاختلاف انما ظهر
بعد نزول الكتاب بغيا بينهم ، والبغي من حملة الكتاب ، وقد غفل هذا القائل عن ان
الآية تثبت اختلافين اثنين لا اختلافا واحدا ، وقد مر بيانه ، وعن ان الناس لو
كانوا على الهداية فإنها واحدة من غير اختلاف ، فما هو الموجب بل ما هو المجوز
لبعث الانبياء وانزال الكتاب وحملهم على البغي بالاختلاف ، واشاعة الفساد ، واثارة
غرائز الكفر والفجور ومهلكات الاخلاق مع استبطانها؟
ويظهر به ايضا : فساد ما ذكره آخرون ان
المراد بها ان الناس كانوا أمة واحدة على الضلالة ، إذ لولاها لم يكن وجه لترتب
قوله تعالى : فبعث الله
النبيين الخ ، وقد غفل هذا القائل عن ان الله
سبحانه يذكر ان هذا الضلال الذي ذكره وهو الذي أشار إليه بقوله سبحانه : فهدى الله
الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، انما نشاء عن سوء سريرة حملة الكتاب
وعلماء الدين بعد نزول الكتاب ، وبيان آياته للناس ، فلو كانوا على الضلالة قبل
البعث والانزال وهي ضلالة الكفر والنفاق والفجور والمعاصي فما المصحح لنسبة ذلك
إلى حملة الكتاب وعلماء الدين؟
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 2 صفحه : 125