responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 19  صفحه : 315

ولازم ذلك أن يرى نفسه وما يترتب عليها من سمة أو فعل ملكا طلقا لله سبحانه يتصرف فيها بما يشاء وهو ولاية الله يتولى أمر عبده فلا يبقى له من الملك بحقيقة معناه شيء إلا ما ملكه الله سبحانه وهو المالك لما ملكه والملك لله عز اسمه.

وعند ذلك ينجيه الله من مضيق الوهم وسجن الشرك بالتعلق بالأسباب الظاهرية و « يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ » أما الرزق المادي فإنه كان يرى ذلك من عطايا سعيه والأسباب الظاهرية التي كان يطمئن إليها وما كان يعلم من الأسباب إلا قليلا من كثير كقبس من نار يضيء للإنسان في الليلة الظلماء موضع قدمه وهو غافل عما وراءه ، لكن الله سبحانه محيط بالأسباب وهو الناظم لها ينظمها كيف يشاء ويأذن في تأثير ما لا علم له به من خباياها.

وأما الرزق المعنوي الذي هو حقيقة الرزق الذي يعيش به النفس الإنسانية وتبقى فهو مما لم يكن يحتسبه ولا يحتسب طريق وروده عليه.

وبالجملة هو سبحانه يتولى أمره ويخرجه من مهبط الهلاك ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ولا يفقد من كماله والنعم التي كان يرجو نيلها بسعيه شيئا لأنه توكل على الله وفوض إلى ربه ما كان لنفسه « وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ » دون سائر الأسباب الظاهرية التي تخطئ تارة وتصيب أخرى « إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ » لأن الأمور محدودة محاطة له تعالى و « قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً » فهو غير خارج عن قدره الذي قدره به.

وهذا نصيب الصالحين من الأولياء من هذه الآية.

وأما من هو دونهم من المؤمنين المتوسطين من أهل التقوى النازلة درجاتهم من حيث المعرفة والعمل فلهم من ولاية الله ما يلائم حالهم في إخلاص الإيمان والعمل الصالح وقد قال تعالى وأطلق : « وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ »آل عمران : ٦٨ ، وقال وأطلق : « وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ »الجاثية : ١٩.

وتدينهم بدين الحق وهي سنة الحياة وورودهم وصدورهم في الأمور عن إرادته تعالى هو تقوى الله والتوكل عليه بوضع إرادته تعالى موضع إرادة أنفسهم فينالون من سعادة الحياة بحسبه ويجعل الله لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون ، وحسبهم ربهم فهو بالغ أمره وقد جعل لكل شيء قدرا.

وعليهم من حرمان السعادة قدر ما دب من الشرك في إيمانهم وعملهم وقد قال تعالى :

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 19  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست