نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 17 صفحه : 225
وأنت خبير بأن
شيئا مما ذكره لا يستفاد من سياق الآيات.
وقوله : « إِنِّي خالِقٌ
بَشَراً مِنْ طِينٍ » البشر الإنسان ، قال الراغب : البشر ظاهر الجلد والأدمة
باطنه. كذا قال عامة الأدباء ، قال : وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا بظهور جلده
من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف أو الوبر ، واستوى في لفظ البشر الواحد
والجمع وثني فقال تعالى : «
أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ » وخص في القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر. انتهى.
وقد عد في
الآية مبدأ خلق الإنسان الطين ، وفي سورة الروم التراب وفي سورة الحجر صلصال من
حمإ مسنون ، وفي سورة الرحمن صلصال كالفخار ولا ضير فإنها أحوال مختلفة لمادته
الأصلية التي منها خلق وقد أشير في كل موضع إلى واحدة منها.
قوله تعالى : « فَإِذا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ » تسوية الإنسان تعديل أعضائه بتركيب بعضها على بعض وتتميمها
صورة إنسان تام ، ونفخ
الروح فيه جعله ذا نفس
حية إنسانية وإضافة الروح إليه تعالى تشريفية وقوله : « فَقَعُوا » أمر من الوقوع وهو متفرع على التسوية والنفخ.
قوله تعالى : « فَسَجَدَ
الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ » ظاهر الدلالة على سجود الملائكة له من غير استثناء.
قوله تعالى : « إِلَّا إِبْلِيسَ
اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ » أي استكبر إبليس فلم يسجد له وكان قبل ذلك من الكافرين
كما حكى سبحانه عنه في سورة الحجر قوله : « لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ
مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
» الحجر : ـ ٣٣.
قوله تعالى : « قالَ يا إِبْلِيسُ ما
مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ
الْعالِينَ » نسبة خلقه إلى اليد للتشريف بالاختصاص كما قال : « وَنَفَخْتُ فِيهِ
مِنْ رُوحِي » وتثنية اليد كناية عن الاهتمام التام بخلقه وصنعه فإن الإنسان إنما
يستعمل اليدين فيما يهتم به من العمل فقوله : « خَلَقْتُ بِيَدَيَ » كقوله : « مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا
» يس : ـ ٧١.