responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 15  صفحه : 54

ثم ذكر سبحانه الفؤاد والمراد به المبدأ الذي يعقل من الإنسان وهو نعمة خاصة بالإنسان من بين سائر الحيوان ومرحلة حصول الفؤاد مرحلة وجودية جديدة هي أرفع درجة وأعلى منزلة وأوسع مجالا من عالم الحيوان الذي هو عالم الحواس فيتسع به أولا شعاع عمل الحواس مما كان عليه في عامة الحيوان بما لا يتقدر بقدر فإذا الإنسان يدرك بهما ما غاب وما حضر وما مضى وما غبر من أخبار الأشياء وآثارها وأوصافها بعلاج وغير علاج.

ثم يرقى بفؤاده أي بتعقله إلى ما فوق المحسوسات والجزئيات فيتعقل الكليات فيحصل القوانين الكلية ، ويغور متفكرا في العلوم النظرية والمعارف الحقيقية ، وينفذ بسلطان التدبر في أقطار السماوات والأرض.

ففي ذلك كله من عجيب التدبير الإلهي بإنشاء السمع والأبصار والأفئدة ما لا يسع الإنسان أن يستوفي شكره.

وقوله : « قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ » فيه بعض العتاب ومعناه تشكرون شكرا قليلا فقوله : « قَلِيلاً » وصف للمفعول المطلق قائم مقامه.

قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ » قال الراغب : الذرأ إظهار الله تعالى ما أبداه يقال : ذرأ الله الخلق أي أوجد أشخاصهم. وقال : الحشر إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها. انتهى.

فالمعنى : أنه لما جعلكم ذوي حس وعقل أظهر وجودكم في الأرض متعلقين بها ثم يجمعكم ويرجعكم إلى لقائه.

قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ » معنى الآية ظاهر ، وقوله : « وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ » مترتب بحسب المعنى على الجملة التي قبله أي لما جعلكم ذوي علم وأظهر وجودكم في الأرض إلى حين حتى تحشروا إليه لزمت ذلك سنة الإحياء والإماتة إذ العلم متوقف على الحياة والحشر متوقف على الموت.

وقوله : « وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ » مترتب على ما قبله فإن الحياة ثم الموت لا تتم إلا بمرور الزمان وورود الليل بعد النهار والنهار بعد الليل حتى ينقضي العمر ويحل الأجل المكتوب ، هذا لو أريد باختلاف الليل والنهار وورود الواحد منها بعد الواحد ، ولو أريد به اختلافهما في الطول والقصر كانت فيه إشارة إلى إيجاد فصول

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 15  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست