responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 15  صفحه : 176

وقوله تعالى : « وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً » بيان لرجوع تدبير عامة الأمور إليه تعالى وحده بالخلق والتقدير فهو رب العالمين لا رب سواه.

بيان ذلك أن الخلقة لما كانت بتوسيط الأسباب المتقدمة على الشيء والمقارنة له استلزم ذلك ارتباط وجودات الأشياء بعضها ببعض فيتقدر وجود كل شيء وآثار وجوده حسب ما تقدره العلل والعوامل المتقدمة عليه والمقارنة له فالحوادث الجارية في العالم على النظام المشهود مختلطة بالخلقة تابعة للعلل والعوامل المتقدمة والمقارنة وإذ لا خالق غير الله سبحانه فلا مدبر للأمر غيره فلا رب يملك الأشياء ويدبر أمرها غيره.

فكونه تعالى له ملك السماوات والأرض حاكما متصرفا فيها على الإطلاق يستلزم قيام الخلقة به إذ لو قامت بغيره كان الملك لذلك الغير ، وقيام الخلقة به يستلزم قيام التقدير به ، لكون التقدير متفرعا على الخلقة ، وقيام التقدير به يستلزم قيام التدبير به فله الملك والتدبير فهو الرب عز شأنه.

وملكه تعالى للسماوات والأرض وإن استلزم استناد الخلق والتقدير إليه لكن لما كان الوثنيون مع تسليمهم عموم ملكه يرون أن ملكه للجميع وربوبيته للكل لا ينافي ملك آلهتهم وربوبيتهم للبعض بتفويضه تعالى ذلك إليهم فكل من الآلهة مليك في صقع ألوهيته رب لمربوبيته والله سبحانه ملك الملوك ورب الأرباب وإله الآلهة.

فلذلك لم يكف قوله : « الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » لإثبات اختصاص الربوبية به تعالى قبالهم بل احتج إلى الإتيان بقوله : « وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ».

فكأن قائلا يقول : هب أن ملكه للسماوات والأرض يغنيه عن اتخاذ الولد والشريك الموجب لسلب ملكه عن بعض الأشياء لكن لم لا يجوز أن يتخذ بعض خلقه شريكا لنفسه بتفويض بعض أمور العالم إليه مع كونه مالكا له ولما فوضه إليه وهذا هو الذي كانت يراه المشركون فقد كانوا يقولون في تلبية الحج لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.

فأجيب عنه بأن الخلق له سبحانه والتقدير يلازمه وإذا اجتمعا لزمهما التدبير فله سبحانه تدبير كل شيء فليس مع ملكه ملك ولا مع ربوبيته ربوبية.

فقد تحصل أن قوله : « الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 15  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست