نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 15 صفحه : 174
فقوله تعالى :
« تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ » أي ثبت وتحقق خير كثير فيمن نزل الفرقان على عبده محمد
صلىاللهعليهوآله ، وثبوت الخير الكثير العائد إلى الخلق فيه تعالى كناية
عن فيضانه منه على خلقه حيث نزل على عبده كتابا فارقا بين الحق والباطل منقذا
للعالمين من الضلال سائقا لهم إلى الهدى.
والجمع في
الآية بين نزول القرآن من عنده تعالى وكون النبي صلىاللهعليهوآله رسولا منه نذيرا للعالمين مع تسمية القرآن فرقانا بين
الحق والباطل وتوصيف النبي صلىاللهعليهوآله بكونه عبدا له نذيرا للعالمين المشعر بكونه مملوكا مأمورا
لا يملك من نفسه شيئا كل ذلك تمهيد لما سيحكي ـ عن المشركين من طعنهم في القرآن
بأنه افتراء على الله اختلقه النبي صلىاللهعليهوآله وأعانه على ذلك قوم آخرون ، ومن طعنهم في النبي صلىاللهعليهوآله بأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق وسائر ما تفوهوا به
ـ وما يدفع به مطاعنهم.
فالمحصل أنه
كتاب يفرق بحجته الباهرة بين الحق والباطل فلا يكون إلا حقا إذ الباطل لا يفرق بين
الحق والباطل وإنما يشبه الباطل بالحق ليلبس على الناس ، وأن الذي جاء به عبد مطيع
لله ينذر به العالمين ويدعوهم إلى الحق فلا يكون إلا على الحق ولو كان مبطلا لم
يدع إلى الحق بل حاد عنه وانحرف على أن الله سبحانه يشهد في كلامه المعجز بصدق
رسالته وأن الذي جاء به من الكتاب منزل من عنده.
ومن هنا يظهر
ما في قول بعضهم : إن المراد بالفرقان مطلق الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء
وبعبده عامة الأنبياء عليهمالسلام ، ولا يخفى بعده من ظاهر اللفظ.
وقوله تعالى :
« لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً » اللام للتعليل وتدل على أن غاية تنزيل الفرقان على
عبده أن يكون منذرا لجميع العالمين من الإنس والجن ، والجمع المحلى باللام يفيد
الاستغراق ، ولا يخلو الإتيان بصيغة الجمع المحلى باللام من إشارة إلى أن للجميع
إلها واحدا لا كما يذهب إليه الوثنيون حيث يتخذ كل قوم إلها غير ما يتخذه الآخرون.
والاكتفاء بذكر
الإنذار دون التبشير لأن الكلام في السورة مسوق سوق الإنذار والتخويف.
قوله
تعالى : « الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ »
إلى آخر الآية. الملك بكسر
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 15 صفحه : 174