responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 111

فيكون المعنى كان تمكيننا ليوسف في الأرض يجري على هذا النمط المذكور في قصة خروجه من الجب ودخوله مصر واستقراره في بيت العزيز على أحسن حال فإن إخوته حسدوه وحرموا عليه القرار على وجه الأرض عند أبيه فألقوه في غيابة الجب وسلبوه نعمة التمتع في وطنه في البادية وباعوه من السيارة ليغربوه من أهله فجعل الله سبحانه كيدهم هذا بعينه سببا يتوسل به إلى التمكن والاستقرار في بيت العزيز بمصر على أحسن حال ثم تعلقت به امرأة العزيز وراودته هي ونسوة مصر ليوردنه في الصبوة والفحشاء فصرف الله عنه كيدهن وجعل ذلك بعينه وسيلة لظهور إخلاصه وصدقه في إيمانه ثم بدا لهم أن يجعلوه في السجن ويسلبوا عنه حرية معاشرة الناس والمخالطة لهم فتسبب الله سبحانه بذلك بعينه إلى تمكينه في الأرض تمكينا يتبوأ من الأرض حيث يشاء لا يمنعه مانع ولا يدفعه دافع.

وبالجملة الآية على هذا التقدير من قبيل قوله تعالى : « كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ » : المؤمن ٧٤ وقوله : « كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ » : الرعد : ١٧ أي إن إضلاله تعالى للكافرين يجري دائما هذا المجرى ، وضربه الأمثال أبدا على هذا النحو من المثل المضروب وهو أنموذج ينبغي أن يقاس إليه غيره.

وقوله : « وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ » بيان لغاية التمكين المذكور واللام للغاية ، وهو معطوف على مقدر والتقدير : مكنا له في الأرض لنفعل به كذا وكذا ولنعلمه من تأويل الأحاديث وإنما حذف المعطوف عليه للدلالة على أن هناك غايات أخر لا يسعها مقام التخاطب ، ومن هذا القبيل قوله تعالى : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » : الأنعام : ٧٥ ونظائره.

وقوله : « وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ » الظاهر أن المراد بالأمر الشأن وهو ما يفعله في الخلق مما يتركب منه نظام التدبير قال تعالى : « يُدَبِّرُ الْأَمْرَ » : يونس : ٣ ، وإنما أضيف إليه تعالى لأنه مالك كل أمر كما قال تعالى : « أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ » : الأعراف : ٥٤.

والمعنى أن كل شأن من شئون الصنع والإيجاد من أمره تعالى وهو تعالى غالب عليه وهو مغلوب له مقهور دونه يطيعه فيما شاء ، ينقاد له فيما أراد ، ليس له أن يستكبر أو

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست