responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 110

ولعل المراد من تمكين يوسف في الأرض إقراره فيه بما يقدر معه على التمتع من مزايا الحياة والتوسع فيها بعد ما حرم عليه إخوته القرار على وجه الأرض فألقوه في غيابة الجب ثم شروه بثمن بخس ليسير به الركبان من أرض إلى أرض ويتغرب عن أرضه ومستقر أبيه.

وقد ذكر تعالى تمكينه ليوسف في الأرض في خلال قصته مرتين إحداهما بعد ذكر خروجه من غيابة الجب وتسيير السيارة إياه إلى مصر وبيعه من العزيز وهو قوله في هذه الآية « وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ » وثانيتهما بعد ذكر خروجه من سجن العزيز وانتصابه على خزائن أرض مصر حيث قال تعالى : « وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ » : الآية ٥٦ من السورة والعناية في الموضعين واحدة.

وقوله : « وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ » الإشارة إلى ما ذكره من إخراجه من الجب وبيعه واستقراره في بيت العزيز فإن كان المراد من تمكينه في الأرض هذا المقدار من التمكين الذي حصل له من دخوله في بيت العزيز واستقراره فيه على أهنإ عيش بتوصية العزيز فالتشبيه من قبيل تشبيه الشيء بنفسه ليدل به على غزارة الأوصاف المذكورة له وليس من القسم المذموم من تشبيه الشيء بنفسه كقوله :

كأننا والماء من حولنا

قوم جلوس حولهم ماء

بل المراد أن ما فعلنا به من التمكين في الأرض كان يماثل هذا الذي وصفناه وأخبرنا عنه فهو يتضمن من الأوصاف الغزيرة ما يتضمنه ما حدثناه فهو تلطف في البيان بجعل الشيء مثل نفسه بالتشبيه دعوى ليلفت به ذهن السامع إلى غزارة أوصافه وأهميتها وتعلق النفس بها كما هو شأن التشبيه.

ومن هذا الباب قوله تعالى : « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » : الشورى : ١١ وقوله تعالى : « لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ » : الصافات : ٦١ والمراد أن كل ما اتصف من الصفات بما اتصف به الله سبحانه لا يشبهه ولا يماثله شيء ، وإن كل ما اشتمل من الصفات على ما اشتملت عليه الجنة وماثلها في صفاتها فليعمل العاملون لأجل الفوز به.

وإن كان المراد بالتمكين مطلق تمكينه في الأرض فتشبيهه بما ذكر من الوصف من قبيل تشبيه الكلي ببعض أفراده ليدل به على أن سائر الأفراد حالها حال هذا الفرد أو تشبيه الكل ببعض أجزائه للدلالة على أن الأجزاء الباقية حالها حال ذاك الجزء المذكور

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست