نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 10 صفحه : 125
العامة لآدم وزوجته فمن بعدهما من ذريتهما : « قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً ـ إلى قوله ـ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا
أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ » البقرة : ـ ٣٩.
وهذا هو الذي
يريده بقوله في مقام بيان سبب خسران المكذبين : « إِنَّ الَّذِينَ
حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ » وهم المكذبون حقت عليهم كلمة العذاب فهم « لا يُؤْمِنُونَ » ولذلك كانوا خاسرين لأنهم ضيعوا رأس مال سعادتهم وهو
الإيمان فحرموه وحرموا بركاته في الدنيا والآخرة ، وإذ حق عليهم أنهم لا يؤمنون
فلا سبيل لهم إلى الإيمان ولو جاءتهم كل آية « حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ » ولا فائدة في الإيمان الاضطراري.
وقد كرر الله
سبحانه في كلامه هذا القول واستتباعه للخسران وعدم الإيمان كقوله : « لَقَدْ حَقَّ
الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » يس : ـ ٧ ، وقوله : « لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ
الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ » يس : ـ ٧٠ أي بتكذيبهم بالآيات المستتبع لعدم إيمانهم
فخسرانهم ، وقوله : « وَحَقَّ
عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ » حم السجدة : ـ ٢٥ إلى غير ذلك.
وقد ظهر من
الآيات أولا أن العناد مع الحق والتكذيب بآيات الله يحق كلمة العذاب الخالد على
الإنسان.
وثانيا : أن
رأس مال سعادة الحياة للإنسان هو الإيمان.
وثالثا : أن كل
إنسان فهو مؤمن لا محالة إما إيمانا اختياريا مقبولا يسوقه إلى سعادة الحياة
الدنيا والآخرة ، وإما إيمانا اضطراريا غير مقبول حيثما يرى العذاب الأليم.
قوله
تعالى : « فَلَوْ لا كانَتْ
قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا
كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ » إلخ ، ظاهر السياق أن لو لا للتحضيض ، وأن المراد
بقوله : « آمَنَتْ » الإيمان الاختياري الصحيح كما يشعر به قوله بعده : « فَنَفَعَها إِيمانُها
» ولوقوع
التحضيض على أمر ماض لم يتحقق أفادت الجملة معنى اليأس المساوق للنفي فاستقام
الاستثناء الذي في قوله : «
إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ».
والمعنى : هلا
كانت قرية ـ من هذه القرى التي جاءتهم رسلنا فكذبوهم ـ
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 10 صفحه : 125