يَا دَاوُدُ تَخْتَارُ الْبَلَاءَ عَلَى الْعَافِيَةِ- إِنِّي ابْتَلَيْتُ هَؤُلَاءِ وَ أَنَا لَمْ أُعْلِمْهُمْ وَ أَنَا أَبْتَلِيكَ وَ أُعْلِمُكَ أَنَّ بَلَائِي فِي سَنَةِ كَذَا وَ شَهْرِ كَذَا وَ فِي يَوْمِ كَذَا، وَ كَانَ دَاوُدُ ع يَفْرُغُ نَفْسَهُ لِعِبَادَتِهِ يَوْماً- وَ يَقْعُدُ فِي مِحْرَابِهِ يَوْماً وَ يَقْعُدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي وَعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- اشْتَدَّتْ عِبَادَتُهُ وَ خَلَا فِي مِحْرَابِهِ وَ حَجَبَ النَّاسَ عَنْ نَفْسِهِ وَ هُوَ فِي مِحْرَابِهِ يُصَلِّي- فَإِذَا طَائِرٌ قَدْ وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَنَاحَاهُ مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ- وَ رِجْلَاهُ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ- وَ رَأْسُهُ وَ مِنْقَارُهُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ زَبَرْجَدٍ فَأَعْجَبَهُ جِدّاً وَ نَسِيَ مَا كَانَ فِيهِ، فَقَامَ لِيَأْخُذَهُ فَطَارَ الطَّائِرُ- فَوَقَعَ عَلَى حَائِطٍ بَيْنَ دَاوُدَ وَ بَيْنَ أُورِيَا بْنِ حَنَانٍ وَ كَانَ دَاوُدُ قَدْ بَعَثَ أُورِيَا فِي بَعْثٍ- فَصَعِدَ دَاوُدُ ع الْحَائِطَ لِيَأْخُذَ الطَّيْرَ- وَ إِذَا امْرَأَةُ أُورِيَا جَالِسَةٌ تَغْتَسِلُ- فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّ دَاوُدَ نَشَرَتْ شَعْرَهَا وَ غَطَّتْ بِهِ بَدَنَهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا دَاوُدُ فَافْتُتِنَ بِهَا وَ رَجَعَ إِلَى مِحْرَابِهِ، وَ نَسِيَ مَا كَانَ فِيهِ وَ كَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ الْبَعْثِ- لما أَنْ يَصِيرُوا إِلَى مَوْضِعِ كَيْتَ وَ كَيْتَ يُوضَعُ التَّابُوتُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّهِمْ، وَ كَانَ التَّابُوتُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ- وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ» وَ قَدْ كَانَ رُفِعَ بَعْدَ مُوسَى ع إِلَى السَّمَاءِ- لَمَّا عَمِلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالْمَعَاصِي، فَلَمَّا غَلَبَهُمْ جَالُوتُ وَ سَأَلُوا النَّبِيَّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ مَلِكاً- يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَثَ إِلَيْهِمْ طَالُوتَ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ التَّابُوتَ- وَ كَانَ التَّابُوتُ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ بَيْنَ أَعْدَائِهِمْ وَ رَجَعَ عَنِ التَّابُوتِ إِنْسَانٌ كُفِّرَ وَ قُتِلَ- وَ لَا يَرْجِعُ أَحَدٌ عَنْهُ إِلَّا وَ يُقْتَلُ.
فَكَتَبَ دَاوُدُ إِلَى صَاحِبِهِ- الَّذِي بَعَثَهُ أَنْ ضَعِ التَّابُوتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عَدُوِّكَ وَ قَدِّمْ أُورِيَا بْنَ حَنَانٍ بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ فَقَدَّمَهُ وَ قُتِلَ، فَلَمَّا قُتِلَ أُورِيَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكَانِ- وَ قَعَدَا وَ لَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةُ أُورِيَا وَ كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا وَ دَاوُدُ فِي مِحْرَابِهِ يَوْمَ عِبَادَتِهِ- فَدَخَلَا عَلَيْهِ الْمَلَكَانِ مِنْ سَقْفِ الْبَيْتِ وَ قَعَدَا بَيْنَ يَدَيْهِ- فَفَزِعَ دَاوُدُ مِنْهُمَا فَقَالا: لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ- فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ