وَ لِدَاوُدَ حِينَئِذٍ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ امْرَأَةً- مَا بَيْنَ مَهِيرَةٍ إِلَى جَارِيَةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِدَاوُدَ: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ- فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ أَيْ ظَلَمَنِي وَ قَهَرَنِي، فَقَالَ دَاوُدُ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ قَالَ: فَضَحِكَ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَالَ: قَدْ حَكَمَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ دَاوُدُ: أَ تَضْحَكُ وَ قَدْ عَصَيْتَ- لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهْشِمَ فَاكَ، قَالَ: فَعَرَجَا وَ قَالَ الْمَلِكُ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ- لَوْ عَلِمَ دَاوُدُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَشْمِ فِيهِ مِنِّي.
فَفَهِمَ دَاوُدُ الْأَمْرَ وَ ذَكَرَ الْخَطِيئَةَ- فَبَقِيَ أَرْبَعِينَ يَوْماً سَاجِداً يَبْكِي لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَا يَقُومُ إِلَّا وَقْتَ الصَّلَاةِ حَتَّى انْخَرَقَ جَبِينُهُ- وَ سَالَ الدَّمُ مِنْ عَيْنَيْهِ- فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً- نُودِيَ يَا دَاوُدُ مَا لَكَ أَ جَائِعٌ أَنْتَ فَنُشْبِعَكَ- أَمْ ظَمْآنُ فَنَسْقِيَكَ أَمْ عُرْيَانٌ فَنَكْسُوَكَ أَمْ خَائِفٌ فَنُؤْمِنَكَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَ كَيْفَ لَا أَخَافُ وَ قَدْ عَمِلْتُ مَا عَمِلْتُ وَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُوزُكَ ظُلْمُ ظَالِمٍ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ تُبْ يَا دَاوُدُ، فَقَالَ أَيْ رَبِّ وَ أَنَّى لِي بِالتَّوْبَةِ- قَالَ: صِرْ إِلَى قَبْرِ أُورِيَا حَتَّى أَبْعَثَهُ إِلَيْكَ- وَ اسْأَلْهُ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ، فَإِنْ غَفَرَ لَكَ غَفَرْتُ لَكَ- قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ: أَسْتَوْهِبُكَ مِنْهُ، قَالَ: فَخَرَجَ دَاوُدُ ع يَمْشِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ كَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ لَا يَبْقَى حَجَرٌ وَ لَا شَجَرٌ وَ لَا جَبَلٌ- وَ لَا طَائِرٌ وَ لَا سَبُعٌ إِلَّا يُجَاوِبُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَبَلٍ- وَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ حِزْقِيلُ، فَلَمَّا سَمِعَ دَوِيَّ الْجِبَالِ وَ صَوْتَ السِّبَاعِ عَلِمَ أَنَّهُ دَاوُدُ فَقَالَ: هَذَا النَّبِيُّ الْخَاطِئُ فَقَالَ دَاوُدُ: يَا حِزْقِيلُ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَصْعَدَ إِلَيْكَ قَالَ: لَا فَإِنَّكَ مُذْنِبٌ.
فَبَكَى دَاوُدُ ع فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى حِزْقِيلَ يَا حِزْقِيلُ لَا تُعَيِّرْ دَاوُدَ بِخَطِيئَتِهِ وَ سَلْنِي الْعَافِيَةَ فَنَزَلَ حِزْقِيلُ وَ أَخَذَ بِيَدِ دَاوُدَ وَ أَصْعَدَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: يَا حِزْقِيلُ هَلْ هَمَمْتَ بِخَطِيئَةٍ قَطُّ قَالَ: لَا: قَالَ: فَهَلْ دَخَلَكَ الْعُجْبُ مِمَّا