بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا دَخَلْنَا إِلَيْكَ الْبَارِحَةَ- فَرَأَيْنَاكَ كَئِيباً حَزِيناً ثُمَّ عُدْنَا إِلَيْكَ الْيَوْمَ- فَرَأَيْنَاكَ فَرِحاً مُسْتَبْشِراً- فَقَالَ نَعَمْ كَانَ قَدْ بَقِيَ عِنْدِي مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ- لَمْ أَكُنْ قَسَمْتُهَا وَ خِفْتُ أَنْ يُدْرِكَنِي الْمَوْتُ وَ هِيَ عِنْدِي- وَ قَدْ قَسَمْتُهَا الْيَوْمَ وَ اسْتَرَحْتُ مِنْهَا فَنَظَرَ عُثْمَانُ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَ قَالَ لَهُ- يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ الْمَفْرُوضَةَ- هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئاً فَقَالَ لَا وَ لَوِ اتَّخَذَ لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ- فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ عَصَاهُ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ كَعْبٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ الْكَافِرَةِ- مَا أَنْتَ وَ النَّظَرَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ حَيْثُ قَالَ «الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ- فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ- هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» فَقَالَ عُثْمَانُ «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَ ذَهَبَ عَقْلُكَ- وَ لَوْ لَا صُحْبَتُكَ لِرَسُولِ اللَّهِ لَقَتَلْتُكَ» فَقَالَ «كَذَبْتَ يَا عُثْمَانُ أَخْبَرَنِي حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لَا يَفْتِنُونَكَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَ لَا يَقْتُلُونَكَ وَ أَمَّا عَقْلِي فَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا أَحْفَظُهُ- حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِيكَ وَ فِي قَوْمِكَ» فَقَالَ وَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِيَّ وَ فِي قَوْمِي قَالَ سَمِعْتُ يَقُولُ إِذَا بَلَغَ آلُ أَبِي الْعَاصِ ثلاثون [ثَلَاثِينَ] رَجُلًا- صَيَّرُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا وَ كِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا- وَ عِبَادَهُ خَوَلًا وَ الْفَاسِقِينَ حِزْباً وَ الصَّالِحِينَ حَرْباً» فَقَالَ عُثْمَانُ «يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ! هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالُوا لَا مَا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ» فَقَالَ عُثْمَانُ ادْعُ عَلِيّاً فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ انْظُرْ مَا يَقُولُ هَذَا الشَّيْخُ الْكَذَّابُ» فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَهْ يَا عُثْمَانُ لَا تَقُلْ كَذَّابٌ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ «مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ (اللَّهْجَةُ اللِّسَانُ) أَصْدَقُ مِنْ أَبِي ذَرٍّ» فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ص صَدَقَ أَبُو ذَرٍّ وَ قَدْ سَمِعْنَا هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَكَى أَبُو ذَرٍّ عِنْدَ ذَلِكَ- فَقَالَ وَيْلَكُمْ كُلُّكُمْ قَدْ مَدَّ عُنُقَهُ