و قوله وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً
قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ وَ لَنْ نُعَذَّبَ إِلَّا الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ الَّتِي عَبَدْنَا فِيهَا الْعِجْلَ- فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ- فَقَالَ وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ يَا مُحَمَّدُ لَهُمْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً- فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ
و قوله وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نزلت في اليهود ثم نسخت بقوله «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ».
و أما قوله وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ- وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ الآية
وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ[1] وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِنَفْيِ أَبِي ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ وَ كَانَ عَلِيلًا مُتَوَكِّئاً عَلَى عَصَاهُ- وَ بَيْنَ يَدَيْ عُثْمَانَ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ- قَدْ حُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضِ النَّوَاحِي- وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَ يَطْمَعُونَ أَنْ يَقْسِمَهَا فِيهِمْ- فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لِعُثْمَانَ مَا هَذَا الْمَالُ- فَقَالَ عُثْمَانُ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ حُمِلَتْ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ النَّوَاحِي- أُرِيدُ أَضُمُّ إِلَيْهَا مِثْلَهَا ثُمَّ أَرَى فِيهَا رَأْيِي- فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ «يَا عُثْمَانُ أَيُّمَا أَكْثَرُ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ» فَقَالَ عُثْمَانُ بَلْ «مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ» قَالَ أَ مَا تَذْكُرُ أَنَا وَ أَنْتَ وَ قَدْ دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص عَشِيّاً- فَرَأَيْنَاهُ كَئِيباً حَزِيناً فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ[2] يَرُدَّ عَلَيْنَا السَّلَامَ- فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَيْنَاهُ فَرَأَيْنَاهُ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً- فَقُلْنَا لَهُ
[1]. إِنَّ قَضِيَّةَ عُثْمَانَ وَ أَبِي ذَرٍّ نَالَتْ مِنَ الشِّيَاعِ وَ الظُّهُورِ مَا لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ مَسَاسٌ بِالتَّارِيخِ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُرَاجِعْ: مُرُوجَ الذَّهَبِ 1 438، أَنْسَابَ الْبَلاذِرِيِّ 5 53، تَارِيخَ الْيَعْقُوبِيِّ 2 148، طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 4 168 صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ كِتَابَ الزَّكَاةِ، عُمْدَةَ الْقَارِيِّ 4 291، شَرْحَ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ( مُحَمَّدُ عَبْدُهُ) 2 17، كِتَابَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ جَوْدَةَ السَّحَّارِ ص 144.
[2]. لَعَلَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحِيَّةِ. ج- ز