كَذَبْتُمْ وَ بَيْتِ اللَّهِ يُبْرَأُ مُحَمَّدٌ [نُبْرِئُ مُحَمَّداً]
وَ لَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَ نُنَاضِلُ
وَ نُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ
وَ نَذْهَلُ عَنْ أَبْنَائِنَا وَ الْحَلَائِلِ
.
فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَتَبُوا الصَّحِيفَةَ الْقَاطِعَةَ جَمَعَ أَبُو طَالِبٍ بَنِي هَاشِمٍ وَ حَلَفَ لَهُمْ بِالْبَيْتِ وَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ وَ الْمَشَاعِرِ فِي الْكَعْبَةِ لَئِنْ شَاكَتْ مُحَمَّداً شَوْكَةٌ لَأَبُثَّنَّ عَلَيْكُمْ بَنِي هَاشِمٍ فَأَدْخَلَهُ الشِّعْبَ وَ كَانَ يَحْرُسُهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ قَائِماً- عَلَى رَأْسِهِ بِالسَّيْفِ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ حَضَرَ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ- فَدَخَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: يَا عَمِّ رَبَّيْتَ صَغِيراً وَ كَفَّلْتَ يَتِيماً- فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْراً- أَعْطِنِي كَلِمَةً أَشْفَعْ لَكَ فِيهَا عِنْدَ رَبِّي، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى أَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ الرِّضَى، وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَوْ قُمْتَ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ- لَشَفَعْتُ لِأَبِي وَ أُمِّي وَ عَمِّي- وَ أَخٍ لِي كَانَ مُوَاخِياً فِي الْجَاهِلِيَّةِ
وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع يَقُولُ لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ص حِجَّةَ الْوَدَاعِ نَزَلَ بِالْأَبْطَحِ وَ وُضِعَتْ لَهُ وِسَادَةٌ فَجَلَسَ عَلَيْهَا- ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ- وَ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي فِي أَبِي وَ أُمِّي وَ عَمِّي- أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ بِالنَّارِ، قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي- أَنْ لَا يَدْخُلَ جَنَّتِي إِلَّا مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ أَنَّكَ عَبْدِي وَ رَسُولِي وَ لَكِنِ ائْتِ الشِّعْبَ فَنَادِهِمْ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُمْ رَحْمَتِي، فَقَامَ النَّبِيُّ ص إِلَى الشِّعْبِ فَنَادَاهُمْ وَ قَالَ يَا أَبَتَاهْ- وَ يَا أُمَّاهْ وَ يَا عَمَّاهْ فَخَرَجُوا يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ- فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَى هَذِهِ الْكَرَامَةِ- الَّتِي أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا- فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً- وَ أَنَّ جَمِيعَ مَا أَتَيْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَهُوَ الْحَقُّ- فَقَالَ ارْجِعُوا إِلَى مَضَاجِعِكُمْ.