بِقَتْلِ أَبِي دِرْهَمٍ الدَّوْسِيِّ فَإِنَّهُ غَلَبَنِي عَلَى امْرَأَتِي وَ هِيَ بِنْتُهُ- وَ لَوْ تَرَكَهَا وَ بَعْلَهَا كَانَتْ تَلِدُ لِي ابْناً مِثْلَكَ- وَ دَمِي فِي خُزَاعَةَ وَ مَا تَعَمَّدُوا قَتْلِي- وَ أَخَافُ أَنْ تُنْسَوْا بَعْدِي- وَ دَمِي فِي بَنِي خُزَيْمَةَ بْنِ عَامِرٍ وَ دِيَاتِي [رِثَاثِي وَ دياني] فِي ثَقِيفٍ فَخُذْهُ- وَ لِأُسْقُفِّ نَجْرَانَ عَلَيَّ مِائَتَا دِينَارٍ فَاقْضِهَا- ثُمَّ فَاضَتْ نَفْسُهُ وَ مَرَّ رَبِيعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَأَشَارَ جَبْرَئِيلُ إِلَى بَصَرِهِ فَعَمِيَ وَ مَاتَ، وَ مَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فَأَشَارَ جَبْرَئِيلُ إِلَى بَطْنِهِ فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَسْقِي حَتَّى انْشَقَّ بَطْنُهُ، وَ مَرَّ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَأَشَارَ جَبْرَئِيلُ إِلَى رِجْلَيْهِ- فَدَخَلَ عُودٌ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ وَ خَرَجَ مِنْ ظَاهِرِهِ وَ مَاتَ- وَ مَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ طَلَاطِلَةَ فَأَشَارَ جَبْرَئِيلُ إِلَى وَجْهِهِ- فَخَرَجَ إِلَى جِبَالِ تِهَامَةَ فَأَصَابَتْهُ مِنَ السَّمَاءِ دِيَمٌ اسْتَسْقَى حَتَّى انْشَقَّ بَطْنُهُ- وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ «إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ».
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَ آمُرُكُمْ بِخَلْعِ الْأَنْدَادِ وَ الْأَصْنَامِ- فَأَجِيبُونِي تَمْلِكُوا بِهَا الْعَرَبَ وَ تَدِينُ لَكُمُ الْعَجَمُ وَ تَكُونُوا مُلُوكاً فِي الْجَنَّةِ» فَاسَتَهْزَءُوا مِنْهُ وَ قَالُوا جُنَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ لَمْ يَجْسُرُوا عَلَيْهِ لِمَوْضِعِ أَبِي طَالِبٍ فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا يَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ قَدْ سَفَّهَ أَحْلَامَنَا- وَ سَبَّ آلِهَتَنَا وَ أَفْسَدَ شُبَّانَنَا وَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا- فَإِنْ كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْعُدْمُ جَمَعْنَا لَهُ مَالًا- فَيَكُونُ أَكْثَرَ قُرَيْشٍ مَالًا وَ نُزَوِّجُهُ- أَيَّ امْرَأَةٍ شَاءَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ مَا هَذَا يَا ابْنَ أَخِي فَقَالَ: يَا عَمِّ هَذَا دِينُ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِأَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ- بَعَثَنِي اللَّهُ رَسُولًا إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ أَتَوْنِي يَسْأَلُونِّي أَنْ أَسْأَلَكَ أَنْ تَكُفَّ عَنْهُمْ، فَقَالَ يَا عَمِّ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُخَالِفَ أَمْرَ رَبِّي فَكَفَّ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ ثُمَّ اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِنَا فَادْفَعْ إِلَيْنَا مُحَمَّداً لِنَقْتُلَهُ وَ تَمْلِكَ عَلَيْنَا، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ قَصِيدَتَهُ الطَّوِيلَةَ يَقُولُ فِيهَا:
وَ لَمَّا رَأَيْتُ الْقَوْمَ لَا وُدَّ عِنْدَهُمْ
وَ قَدْ قَطَعُوا كُلَّ الْعُرَى وَ الْوَسَائِلِ