أخاف ان يبدل موسي عليكم دينكم، فان لم يفعله فيوقع الفساد بينكم، و لم يكن قاطعاً علي أحدهما به. و روي رواية شاذة عن أبي عمرو: انه قرأ «و قال رجل» بإسكان الجيم. الباقون بضمها و ذلک لغة قال الشاعر:
رجلان من ضبة اخبرانا إنا رأينا رجلا عريانا
أراد رجلين فأسكن و هو مثل قولهم: كرم فلان بمعني كرم.
حكي اللّه تعالي عن فرعون انه قال لقومه «ذروني» و معناه اتركوني اقتل موسي، و ذلک يدل علي أن في خاصة فرعون کان قوم يمنعونه من قتل موسي، و من معه و يخوفونه ان يدعو ربه فيهلك، فلذلك قال ذروني اقتله و ليدع ربه، کما تقولون. و قال قوم: ذلک حين قالوا له هو ساحر فان قتلته قويت الشبهة بمكانه بل «أَرجِه وَ أَخاهُ وَ ابعَث فِي المَدائِنِ حاشِرِينَ»[1] «وَ ليَدعُ رَبَّهُ» في دفع القتل عنه، فانه لا يخشي من دعائه شيء، و هذا عنف من فرعون و تمرد و جرأة علي اللّه و إيهام لقومه بأن ما يدعو به موسي لا حقيقة له.
ثم قال فرعون «إِنِّي أَخافُ أَن يُبَدِّلَ» يعني موسي «دِينَكُم» و هو ما تعتقدونه من إلهيتي «أَو أَن يُظهِرَ فِي الأَرضِ الفَسادَ» بأن يتبعه قوم نحتاج ان نقاتله فيخرب في ما بين ذلک البلاد، و يظهر الفساد. و قال قتادة: الفساد عند فرعون ان يعمل بطاعة اللّه. فمن قرأ «او ان» فانه جعل المخوف احد الامرين و إن جعل (او) بمعني الواو جعل الأمرين مخوفين معاً، و من قرأ بالواو جعل المخوف الأمرين معاً: تبديل الدين و ظهور الفساد. و التبديل رفع الشيء إلي غيره في ما يقع موقعه إلا انه بالعرف لا يستعمل إلا في رفع الجيد بالردي، و الفساد انتقاض الأمر بما ينافي العقل او الشرع او الطبع، و نقيضه الصلاح. و الاظهار