ثم قال تعالي «أُولئِكَ» يعني الّذين يؤمنون باللّه و اليوم الآخر «كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمانَ» و معناه انه جعله بحكمه، فكأنه مكتوب فيه. و قيل: معناه إنه جعل في قلوبهم سمة تدل من علمها أنهم من اهل الايمان. و قال الحسن: معناه انه ثبت الايمان في قلوبهم بما فعل بهم من الالطاف «وَ أَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِنهُ» أي قواهم بنور البرهان. الحجج حتي اهتدوا للحق و عملوا به، و قيل: أيدهم بجبرائيل من أمر اللّه في كثير من المواطن ينصرهم و يدفع عنهم «وَ يُدخِلُهُم جَنّاتٍ» أي بساتين «تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ» أي من تحت أشجارها الأنهار. و قيل: ان أنهارها أخاديد في الإرض، فلذلك قال «مِن تَحتِهَا الأَنهارُ». و الأنهار جمع نهر «خالِدِينَ فِيها» أي مؤبدين لا يفنون و لا يخرجون منها، و هو نصب علي الحال «رَضِيَ اللّهُ عَنهُم» بإخلاص الطاعة منهم «وَ رَضُوا عَنهُ» بثواب الجنة. ثم قال «أُولئِكَ حِزبُ اللّهِ» يعني جنده و أولياؤه، ثم قال «ألا» و هي كلمة تنبيه «إِنَّ حِزبَ اللّهِ» يعني جنوده و أولياءه «هُمُ المُفلِحُونَ» و المفلح هو المنجح بإدراك ما طلب. و قال الزجاج:
حزب اللّه هم الّذين اصطفاهم اللّه. و قرأ المفضل عن عاصم «كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمانَ» علي ما لم يسم فاعله. الباقون بفتح الكاف بمعني إن اللّه كتب ذلک عليهم.