عداه محدث. و القديم يسبق المحدث بما لا يتناهي من تقدير الأوقات. و الآخر بعد فناء کل شيء، لأنه تعالي بفني الأجسام كلها و ما فيها من الاعراض، و يبقي وحده ففي الآية دلالة علي فناء الأجسام.
و قوله «الظّاهِرُ وَ الباطِنُ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- انه العالم بما ظهر و ما بطن.
الثاني- انه القاهر لما ظهر و ما بطن من قوله تعالي «فَأَيَّدنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلي عَدُوِّهِم فَأَصبَحُوا ظاهِرِينَ»[1] و منه قوله «وَ لَو كانَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ظَهِيراً»[2] و قيل: المعني إنه الظاهر بادلته الباطن من أحساس خلقه «وَ هُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ» ما يصح ان يکون معلوماً، لأنه عالم لنفسه.
ثم اخبر تعالي عن نفسه فقال «هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الأَرضَ» أي اخترعهما و انشأهما «فِي سِتَّةِ أَيّامٍ» لما في ذلک من اعتبار الملائكة بظهور شيء بعد شيء من جهة و لما في الاخبار به من المصلحة المكلفين و لو لا ذلک لكان خلقها في لحظة واحدة، لأنه قادر علي ذلک من حيث هو قادر لنفسه.
و قوله «ثُمَّ استَوي عَلَي العَرشِ» أي استولي عليه بالتدبير قال البعيث.
ثم استوي بشر علي العراق من غير سيف و دم مهراق[3]
و هو بشر بن مروان، لما ولاه اخوه عبد الملك بن مروان. و قيل: معناه ثم عمد و قصد الي خلق العرش، و قد بينا ذلک فيما تقدم. ثم قال «يَعلَمُ ما يَلِجُ فِي الأَرضِ» أي ما يدخل في الإرض و يستتر فيها، فاللّه عالم به لا يخفي عليه منه شيء «وَ ما يَخرُجُ مِنها» أي و يعلم ما يخرج من الإرض من سائر النبات و الحيوان و الجماد