‌ أي ‌ مثل‌ هؤلاء الحور ‌في‌ البياض‌ و النقاء مثل‌ اللؤلؤ «المَكنُون‌ِ» يعني‌ الدر المصون‌ عما يلحق‌ ‌به‌ ‌من‌ دنس‌ كأنه‌ مأخوذ ‌من‌ ‌أن‌ الدرة تبقي‌ ‌علي‌ حسنها اكثر مما يبقي‌ غيرها لطبعها و صيانة ‌النّاس‌ لها ‌قال‌ عمر ‌بن‌ أبي ربيعة:

و ‌هي‌ زهراء مثل‌ لؤلؤ الغواص‌        ميزت‌ ‌من‌ جوهر مكنون‌

«جَزاءً» ‌ أي ‌ يفعل‌ ‌ذلک‌ بهم‌ جزاء و مكافأة ‌علي‌ ‌ما عملوه‌ ‌في‌ دار الدنيا ‌من‌ الطاعات‌ و اجتناب‌ المعاصي‌ ‌ثم‌ ‌قال‌ «لا يَسمَعُون‌َ فِيها لَغواً» ‌ أي ‌ ‌لا‌ يسمع‌ المثابون‌ ‌في‌ الجنة لغواً يعني‌ ‌ما ‌لا‌ فائدة ‌فيه‌ ‌من‌ الكلام‌، لأن‌ ‌کل‌ ‌ما يتكلمون‌ ‌به‌ ‌فيه‌ فائدة (وَ لا تَأثِيماً) و ‌لا‌ يجري‌ ‌فيها‌ ‌ما يؤثم‌ ‌فيه‌ قائله‌ ‌من‌ قبيح‌ القول‌ (إِلّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً) يعني‌ لكن‌ يسمعون‌ قول‌ بعضهم‌ لبعض‌ ‌علي‌ وجه‌ التحية «سَلاماً سَلاماً» إنهم‌ يتداعون‌ بالسلام‌ ‌علي‌ حسن‌ الآداب‌ و كريم‌ الأخلاق‌ ‌ألذي‌ يوجب‌ التواد، لان‌ طباعهم‌ ‌قد‌ هذبت‌ ‌علي‌ أتم‌ الكمال‌. و نصب‌ (سلاماً) ‌علي‌ تقدير سلمك‌ اللّه‌ سلاماً بدوام‌ النعمة و حال‌ الغبطة. و جاز ‌أن‌ يعمل‌ ‌فيه‌ سلام‌، لأنه‌ يدل‌ ‌عليه‌، ‌کما‌ يدل‌ ‌علي‌ ‌قوله‌ «وَ اللّه‌ُ أَنبَتَكُم‌ مِن‌َ الأَرض‌ِ نَباتاً»[1] و يصلح‌ ‌أن‌ ‌يکون‌ سلاماً نعتاً لقوله‌ «قيلا» و يصلح‌ ‌أن‌ ينتصب‌ ب (‌قيل‌) فالوجوه‌ الثلاثة محتملة. و ‌قيل‌ «إِلّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً» ‌ أي ‌ قولا يؤدي‌ ‌إلي‌ السلامة.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الواقعة (56): الآيات‌ 27 ‌الي‌ 40]

وَ أَصحاب‌ُ اليَمِين‌ِ ما أَصحاب‌ُ اليَمِين‌ِ (27) فِي‌ سِدرٍ مَخضُودٍ (28) وَ طَلح‌ٍ مَنضُودٍ (29) وَ ظِل‌ٍّ مَمدُودٍ (30) وَ ماءٍ مَسكُوب‌ٍ (31)

وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لا مَقطُوعَةٍ وَ لا مَمنُوعَةٍ (33) وَ فُرُش‌ٍ مَرفُوعَةٍ (34) إِنّا أَنشَأناهُن‌َّ إِنشاءً (35) فَجَعَلناهُن‌َّ أَبكاراً (36)

عُرُباً أَتراباً (37) لِأَصحاب‌ِ اليَمِين‌ِ (38) ثُلَّةٌ مِن‌َ الأَوَّلِين‌َ (39) وَ ثُلَّةٌ مِن‌َ الآخِرِين‌َ (40)