قرأ أبو جعفر من طريق إبن العلاف « يا حسرتاي» بياء ساكنة بعد الألف.
و فتح الياء النهرواني عن أبي جعفر. الباقون بلا ياء.
لما امر اللّه تعالي باتباع طاعاته و الانتهاء عن معاصيه تحذيراً من نزول العذاب بهم بغتة و هم لا يعلمون، بين الغرض بذلك و هو لئلا تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب اللّه، و حذف (لا) کما حذف من قوله (يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُم أَن تَضِلُّوا)[1] و قال الزجاج: معناه كراهية أن تقول نفس، و مثله قوله (وَ أَلقي فِي الأَرضِ رَواسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُم)[2] في قول الفراء. و علي قول الزجاج:
كراهية ان تميد بكم، و النفس نفس الإنسان. و الفرق بين النفس و الروح أن النفس من النفاسة، و الروح من الربح. و أنفس ما في الحيوان نفسه، و هي جسم رقيق روحاني من الريح، و نفس الشيء هو الشيء بعينه. و التفريط إهمال ما يجب ان يتقدم فيه حتي يفوت وقته، و مثله التقصير، و ضده الأخذ بالحزم، يقال:
فلان حازم و فلان مفرط.
و قوله (فِي جَنبِ اللّهِ) معناه فرطت في طاعة الله او في أمر الله إلا أنه ذكر الجنب کما يقال: هذا صغير في جنب ذلک الماضي في أمره، و في جهته، فإذا ذكر هذا دلّ علي الاختصاص به من وجه قريب من معني جنبه. و قال مجاهد و السدي: معني (فِي جَنبِ اللّهِ) أي في أمر الله. و الألف في قوله ( يا حسرتي) منقلبة عن (ياء) الاضافة. و يفعل ذلک في الاستفهام و الاستغاثة بمدّ الصوت.
و التحسر الاغتمام علي ما فات وقته لانحساره عنه بما لا يمكنه استدراكه، و مثله التأسف.