و قوله «وَ أَنِيبُوا إِلي رَبِّكُم» امر مستأنف من اللّه لخلقه بالرجوع إلي اللّه و التوبة من معاصيهم. و الانابة هي الرجوع «وَ أَسلِمُوا لَهُ» معناه آمنوا به و سلموا لأوامره «مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ» عند نزول العذاب بكم «وَ اتَّبِعُوا أَحسَنَ ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم» إنما قال «أَحسَنَ ما أُنزِلَ» لأنه أراد بذلك الواجبات و النفل الّتي هي الطاعات دون المباحات و المقبحات الّتي لا يأمر بها. و قال السدي (أحسن) أي ما أمر اللّه تعالي به في الكتاب، و قال قوم (أَحسَنَ ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم) يريد به الناسخ دون المنسوخ، و هذا خطأ، لان المنسوخ لا يجوز العمل به بعد النسخ و هو قبيح، و لا يکون الحسن أحسن من قبيح، و قال الحسن أحسنه ان يأخذوا بما أمرهم اللّه به و أن ينتهوا عما نهاهم عنه «مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ بَغتَةً» أي فجأة في وقت لا تتوقعونه «وَ أَنتُم لا تَشعُرُونَ» أي لا تعرفون وقت نزوله بكم.
أَن تَقُولَ نَفسٌ يا حَسرَتي عَلي ما فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللّهِ وَ إِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ (56) أَو تَقُولَ لَو أَنَّ اللّهَ هَدانِي لَكُنتُ مِنَ المُتَّقِينَ (57) أَو تَقُولَ حِينَ تَرَي العَذابَ لَو أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المُحسِنِينَ (58) بَلي قَد جاءَتكَ آياتِي فَكَذَّبتَ بِها وَ استَكبَرتَ وَ كُنتَ مِنَ الكافِرِينَ (59) وَ يَومَ القِيامَةِ تَرَي الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَي اللّهِ وُجُوهُهُم مُسوَدَّةٌ أَ لَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثويً لِلمُتَكَبِّرِينَ (60)
خمس آيات.