و الرياض الخضرة في الأنواع المتشاكلة و المباري المصطفة خلالها الأنهار الجارية.
و قوله «تَبصِرَةً وَ ذِكري لِكُلِّ عَبدٍ مُنِيبٍ» أي فعلنا ذلک و خلقناه علي ما وصفناه ليتبصر به و يتفكر به کل مكلف كامل العقل يريد الرجوع إلي اللّه و الانابة اليه.
ثم قال «وَ نَزَّلنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً» يعني مطراً و غيثاً «فَأَنبَتنا بِهِ» ذلک الماء «جَنّاتٍ» أي بساتين فيها أشجار تجنها «وَ حَبَّ الحَصِيدِ» يعني البرّ و الشعير، و کل ما يحصد- في قول قتادة- لان من شأنه ان يحصد، و الحب هو الحصيد، و إنما أضافه إلي نفسه، کما قال «لَحَقُّ اليَقِينِ»[1] و کما قالوا: مسجد الجامع و غير ذلک. و قوله «و النخل» عطف علي (جنات) فلذلك نصبه و «باسقات» أي عاليات يقال: بسقت النخلة بسوقاً قال إبن نوفل لابن هبيرة:
يا بن الّذين بفضلهم بسقت علي قيس فزاره[2]
و قال إبن عباس «باسقات» طوال النخل، و به قال مجاهد و قتادة «لها طلع نضيد» أي لهذه النخل الّتي وصفها بالعلو «طلع نضيد» نضد بعضه علي بعض- في قول مجاهد و قتادة- و قوله «رزقاً للعباد» أي خلقنا ما ذكرنا من حب الحصيد و الطلع النضيد رزقاً للعباد و غذاء لهم، و هو نصب علي المصدر أي رزقناهم رزقاً، و يجوز أن يکون مفعولا له أي لرزق العباد و الرزق هو ما للحي الانتفاع به علي وجه ليس لغيره منعه منه، و الحرام ليس برزق، لان اللّه تعالي منع منه بالنهي و الحظر و کل رزق فهو من اللّه تعالي إما بأن يفعله او يفعل سببه، لأنه مما يريده. و قد يرزق الواحد منا غيره، کما يقال: رزق السلطان الجند.
و قوله «وَ أَحيَينا بِهِ بَلدَةً مَيتاً» أي أحيينا بذلك الماء ألذي أنزلنا من السماء