‌من‌ تخصيص‌ ‌الآية‌ ‌علي‌ ‌کل‌ حال‌. ‌علي‌ انه‌ ‌تعالي‌ وصف‌ ‌من‌ بايع‌ تحت‌ الشجرة بأوصاف‌ ‌قد‌ علمنا أنها ‌لم‌ تحصل‌ ‌في‌ جميع‌ المبايعين‌، فوجب‌ ‌أن‌ يختص‌ الرضا بمن‌ جمع‌ الصفات‌ لأنه‌ ‌قال‌ (فَعَلِم‌َ ما فِي‌ قُلُوبِهِم‌ فَأَنزَل‌َ السَّكِينَةَ عَلَيهِم‌ وَ أَثابَهُم‌ فَتحاً) و ‌لا‌ خلاف‌ ‌بين‌ أهل‌ النقل‌ ‌ان‌ الفتح‌ ‌ألذي‌ ‌کان‌ ‌بعد‌ بيعة الرضوان‌ بلا فصل‌ ‌هو‌ فتح‌ خيبر. و

‌ان‌ ‌رسول‌ اللّه‌ صَلي‌ اللّه‌ُ عَليه‌ و آله‌ عند ‌ذلک‌ ‌قال‌: (لأعطين‌ الراية غداً رجلا يحب‌ اللّه‌ و رسوله‌ و يحبه‌ اللّه‌ و رسوله‌ كرّاراً ‌غير‌ فرار، ‌لا‌ يرجع‌ ‌حتي‌ يفتح‌ اللّه‌ ‌علي‌ يده‌) فدعا علياً فأعطاه‌ الراية، و ‌کان‌ الفتح‌ ‌علي‌ يده‌

، فوجب‌ ‌ان‌ ‌يکون‌ ‌هو‌ المخصوص‌ بحكم‌ ‌الآية‌، و ‌من‌ ‌کان‌ معه‌ ‌في‌ ‌ذلک‌ الفتح‌ لتكامل‌ الصفات‌ فيهم‌. ‌علي‌ ‌ان‌ ممن‌ بايع‌ بيعة الرضوان‌ طلحة و الزبير، و ‌قد‌ وقع‌ منهما ‌من‌ قتال‌ علي‌ ‌عليه‌ ‌السلام‌ ‌ما خرجا ‌به‌ ‌عن‌ الايمان‌ و فسقا عند جميع‌ المعتزلة و ‌من‌ جري‌ مجراهم‌، و ‌لم‌ يمنع‌ وقوع‌ الرضاء ‌في‌ تلك‌ الحال‌ ‌من‌ مواقعة المعصية ‌في‌ ‌ما ‌بعد‌، فما ‌ألذي‌ يمنع‌ ‌من‌ مثل‌ ‌ذلک‌ ‌في‌ غيره‌. و ليس‌ ‌إذا‌ قلنا:

‌أن‌ ‌الآية‌ ‌لا‌ تختص‌ بالرجلين‌، ‌کان‌ طعناً عليهما بل‌ ‌إذا‌ حملناها ‌علي‌ العموم‌ دخلا، و ‌کل‌ متابع‌ مؤمن‌ معهما، فكان‌ ‌ذلک‌ أولي‌.

و ‌قوله‌ (مَغانِم‌َ كَثِيرَةً تَأخُذُونَها) يعني‌ ‌ما غنمتموه‌ ‌من‌ خيبر ‌من‌ انواع‌ الغنائم‌ (وَ كان‌َ اللّه‌ُ عَلِيماً) بمصالح‌ عباده‌ (حكيماً) ‌في‌ جميع‌ أفعاله‌. ‌ثم‌ ‌قال‌ (وَعَدَكُم‌ُ اللّه‌ُ مَغانِم‌َ كَثِيرَةً تَأخُذُونَها فَعَجَّل‌َ لَكُم‌ هذِه‌ِ) يعني‌ غنائم‌ خيبر. و الباقي‌ ‌کل‌ ‌ما يغنمه‌ المسلمون‌ ‌من‌ دار الحرب‌ (وَ كَف‌َّ أَيدِي‌َ النّاس‌ِ عَنكُم‌) يعني‌ أسداً و غطفان‌، فإنهم‌ كانوا ‌مع‌ خيبر فصالحهم‌ النبي‌ صَلي‌ اللّه‌ُ عَليه‌ و آله‌ فكفوا عنه‌. و ‌قيل‌: يعني‌ اليهود كف‌ أيديهم‌ عنكم‌ بالمدينة ‌من‌ قبل‌ الحديبية و مجي‌ء قريش‌، فلم‌ يغلبوكم‌ (وَ لِتَكُون‌َ آيَةً لِلمُؤمِنِين‌َ) يستدلون‌ بها ‌علي‌ صحة قولكم‌ (و يهديكم‌) ‌ أي ‌ و يرشدكم‌ (صِراطاً