أجل دعاء الداعي، و ابو بكر دعاهم إلي الدفاع عن الإسلام، و هذا واجب علي کل واحد بلا دعاء داع، و يمكن ان يکون المراد بقوله (ستدعون) دعاء اللّه لهم بإيجاب القتال عليهم، لأنه إذا دلهم علي وجوب قتال المرتدين و دفعهم عن بيضة الإسلام، و قد دعاهم إلي القتال و وجبت عليهم طاعته، و الكلام في هذه الآية كالتي قبلها في أنا إذا قلنا لا تدل علي إمامة الرجلين، لا نكون طاعنين عليهما، بل لا يمتنع أن يثبت فضلهما و إمامتهما بدليل غير الآية، لأن المحصلين من العلماء يذهبون إلي إمامتهما من جهة الاخبار لا من جهة الآية.
و قوله (تُقاتِلُونَهُم أَو يُسلِمُونَ) بالرفع معناه إن احد الأمرين لا بد أن يقع لا محالة، و تقديره أو هم يسلمون. و قرئ شاذاً بالنصب، و الوجه فيه حتي يسلموا و لو نصبه، فقال او يسلموا لكان دالا علي ان ترك القتال من أجل الإسلام.
و قوله (لَيسَ عَلَي الأَعمي حَرَجٌ ...) الآية، فالأعمي هو من لا يبصر بجارحة العين. و الأعرج ألذي برجله آفة تمنعه من المشي مأخوذ من رفعها عند محاولة المشي بغيرها، و منه العروج الصعود إلي السماء، و المريض من به علة تمنعه من الحركة من اضطراب في البدن حتي يضعف و تحصل فيه آلام، بين اللّه تعالي انه ليس علي وجه هؤلاء الّذين بهم هذه الآفات من ضيق و لا حرج في ترك الحصول مع المؤمنين و الحضور معهم في الجهاد. قال قتادة: کل ذلک في الجهاد. ثم قال (وَ مَن يُطِعِ اللّهَ وَ رَسُولَهُ) في ما أمره به و نهاه عنه (يُدخِلهُ جَنّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ وَ مَن يَتَوَلَّ) عن اتباعهما و امتثال أمرهما و نهيهما (يعذبه) اللّه (عَذاباً أَلِيماً) فمن قرأ بالياء رده إلي اللّه. و من قرأ بالنون أراد الاخبار من اللّه عن نفسه.
و قوله (لَقَد رَضِيَ اللّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ) إخبار