يستنسخ لها و يثبت فيه أعمالها. و قال بعضهم: كتابها ألذي انزل علي رسولها- حكي ذلک عن الجاحظ- و الاول الوجه.
ثم حكي إنه يقال لهم (اليَومَ تُجزَونَ ما كُنتُم تَعمَلُونَ) من طاعة او معصية علي الطاعة بالثواب و علي المعصية بالعقاب. ثم قال تعالي (هذا كتابنا) يعني ألذي أستنسخ (يَنطِقُ عَلَيكُم بِالحَقِّ) جعل ثبوت ما فيه و ظهوره بمنزلة النطق، و إنه ينطق بالحق دون الباطل. ثم قال تعالي «إِنّا كُنّا نَستَنسِخُ ما كُنتُم تَعمَلُونَ» قال الحسن: نستنسخ ما حفظت عليكم الملائكة الحفظة. و قيل: الحفظة تستنسخ ما هو مدون عندها من أحوال بني آدم الجزائية في قول إبن عباس- و
روي عن علي عليه السلام أن للّه ملائكة ينزلون في کل يوم يكتبون فيه أعمال بني آدم
، و معني نستنسخ نستكتب الحفظة ما يستحقونه من ثواب و عقاب و نلقي ما عداه مما أثبته الحفظة، لأنهم يثبتون جميعه.
ثم قسم تعالي الخلق فقال «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ» أي صدقوا بوحدانيته و صدقوا رسله و عملوا الاعمال الصالحات «فَيُدخِلُهُم رَبُّهُم فِي رَحمَتِهِ» من الثواب و الجنة. ثم بين ان «ذلِكَ هُوَ الفَوزُ المُبِينُ» أي الفلاح الظاهر.
وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَ فَلَم تَكُن آياتِي تُتلي عَلَيكُم فَاستَكبَرتُم وَ كُنتُم قَوماً مُجرِمِينَ (31) وَ إِذا قِيلَ إِنَّ وَعدَ اللّهِ حَقٌّ وَ السّاعَةُ لا رَيبَ فِيها قُلتُم ما نَدرِي مَا السّاعَةُ إِن نَظُنُّ إِلاّ ظَنًّا وَ ما نَحنُ بِمُستَيقِنِينَ (32) وَ بَدا لَهُم سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِم ما كانُوا بِهِ يَستَهزِؤُنَ (33) وَ قِيلَ اليَومَ نَنساكُم كَما نَسِيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا وَ مَأواكُمُ النّارُ وَ ما لَكُم مِن ناصِرِينَ (34) ذلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذتُم آياتِ اللّهِ هُزُواً وَ غَرَّتكُمُ الحَياةُ الدُّنيا فَاليَومَ لا يُخرَجُونَ مِنها وَ لا هُم يُستَعتَبُونَ (35)
فَلِلّهِ الحَمدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الأَرضِ رَبِّ العالَمِينَ (36) وَ لَهُ الكِبرِياءُ فِي السَّماواتِ وَ الأَرضِ وَ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (37)