تعلمون من انواع نعمه، فالامداد اتباع الثاني ما قبله شيئاً بعد شيء، علي انتظام فهؤلاء أمدهم اللّه بالمال و بالبنين، يعني الذكور من الأولاد، و بالانعام من الإبل و البقر و الغنم، و البساتين الّتي فيها شجر تحتها عيون جارية فيها، فآتاهم رزقهم علي إدرار. فالعيون ينابيع ماء تخرج من باطن الإرض، ثم تجري علي ظاهرها و عين الماء مشبه بعين الحيوان في استدارته و تردد الماء إلا انه جامد في عيون الحيوان يتردد بالشعاع.
ثم قال لهم «إِنِّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ عَظِيمٍ» يعني يوم القيامة، و العظيم هو الموصوف بالعظم، و فيه مبالغة مثل ما أعظمه لعظم ما فيه من الأهوال.
ثم حكي ما أجابه به قومه، فإنهم قالوا له «سَواءٌ عَلَينا أَ وَعَظتَ أَم لَم تَكُن مِنَ الواعِظِينَ» و إنما لم يقل سواء علينا أ وعظت أم لم تعظ، ليتشاكل رؤس الآي، و معناه إنا لسنا نقبل منك ما تقوله: سواء علينا وعظك و ارتفاعه و الوعظ حث بما فيه تليين القلب، للانقياد الي الحق، و الوعظ زجر عما لا يجوز فعله. و معني «سواء» أي کل واحد من الأمرين مثل الآخر، حصول الوعظ و ارتفاعه.
ثم قالوا: ليس هذا ألذي تدعوه «إِلّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ» أي كذبهم، فيمن فتح الخاء. و الاعادة الأولين و خلقهم، و الخلق المصدر من قولك: خلق اللّه العباد خلقاً. و الخلق المخلوق من قولهم: يعلم هذا من خلق النّاس. قال الفراء: يقولون هذه الأحاديث: خلق يعنون المختلقة. قال و القراءة بضم الخاء أحب إليّ، لأنها تتضمن المعنيين. و الخلق الاختلاق، و هو افتعال الكذب علي التقدير ألذي يوهم الحق.
ثم أخبروا: إنا لسنا بمعذبين علي خلاف ما تدعونا اليه، علي ما تدعيه