قتادة: رجموه‌ ‌حتي‌ قتلوه‌. و ‌قال‌ الحسن‌: ‌لما‌ أراد القوم‌ ‌أن‌ يقتلوه‌ رفعه‌ اللّه‌ اليه‌ فهو ‌في‌ الجنة، و ‌لا‌ يموت‌ ‌إلا‌ بفناء السماء و هلاك‌ الجنة. ‌قال‌ مجاهد: مثل‌ ‌ذلک‌. و قالا الجنة ‌الّتي‌ دخلها يجوز هلاكها. و ‌قال‌ قوم‌: إنهم‌ قتلوه‌ ‌إلا‌ ‌أن‌ اللّه‌ أحياه‌ و ادخله‌ الجنة و ‌قال‌ الحسن‌ (‌من‌ بعده‌) يعني‌ ‌من‌ ‌بعد‌ رفعه‌. و ‌قال‌ غيره‌:

‌من‌ ‌بعد‌ قتله‌.

‌ثم‌ حكي‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌ما يقول‌ الملائكة لهذا الداعي‌ ‌من‌ البشارة ‌له‌ ‌بعد‌ موته‌ فإنهم‌ يقولون‌ ‌له‌ (ادخُل‌ِ الجَنَّةَ) مثاباً مستحقاً للثواب‌ الجزيل‌ ‌علي‌ إيمانك‌ باللّه‌ فيقول‌ حينئذ (يا لَيت‌َ قَومِي‌ يَعلَمُون‌َ بِما غَفَرَ لِي‌ رَبِّي‌) ‌من‌ الذنوب‌ (وَ جَعَلَنِي‌ مِن‌َ المُكرَمِين‌َ) عنده‌. فهذا المؤمن‌ تمني‌ ‌أن‌ يعلم‌ قومه‌ ‌بما‌ أعطاه‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ فيرغبوا ‌فيه‌ و يؤمنوا ‌به‌ لينالوا مثله‌. و الإكرام‌ ‌هو‌ إعطاء المنزلة الرفيعة ‌علي‌ وجه‌ التعظيم‌ و التبجيل‌. و ‌قد‌ فاز ‌من‌ أكرمه‌ اللّه‌ بالرضوان‌، ‌کما‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ (وَ رِضوان‌ٌ مِن‌َ اللّه‌ِ أَكبَرُ)[1] لأنه‌ سبب‌ يؤدي‌ ‌إلي‌ الجنة.

‌ثم‌ حكي‌ ‌ما ‌قال‌ و انزل‌ بهؤلاء الكفار ‌من‌ العذاب‌ و الاستئصال‌، ‌فقال‌ (وَ ما أَنزَلنا عَلي‌ قَومِه‌ِ مِن‌ بَعدِه‌ِ مِن‌ جُندٍ مِن‌َ السَّماءِ) ‌ أي ‌ ‌کان‌ إهلاكهم‌ ‌عن‌ آخرهم‌ بأيسر أمر: صيحة واحدة ‌حتي‌ صاروا خامدين‌ ذكره‌ ‌إبن‌ مسعود و معني‌ «خامدين‌» هالكين‌ بتلف‌ أنفسهم‌، و المعني‌ إنا ‌لم‌ نستعن‌ ‌علي‌ إهلاكهم‌ بانزال‌ الجند ‌من‌ السماء «وَ ما كُنّا مُنزِلِين‌َ» ‌لهم‌ ليهلكوهم‌، و ‌ما ‌کان‌ إهلاكهم‌ «إِلّا صَيحَةً واحِدَةً» عظيمة فحين‌ سمعوها هلكوا ‌من‌ عظمها، و ماتوا ‌من‌ فزعها.

و ‌قوله‌ «يا حَسرَةً عَلَي‌ العِبادِ» ‌قيل‌: ‌هو‌ قول‌ ‌ألذي‌ جاء ‌من‌ أقصي‌ المدينة