لا يَسئَلُكُم أَجراً) أي لا يطلب الأجر و الجزاء و المكافأة علي ما يدعوكم اليه و يحثكم عليه، و إنما يدعوكم نصيحة لكم (و هم) مع ذلک (مهتدون) إلي طريق الحق سالكون سبيله. ثم قال لهم ألذي وعظهم و حثهم علي طاعة اللّه و اتباع رسله (وَ ما لِيَ لا أَعبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) و معناه و لم لا أعبد اللّه و اتبع رسله، و ما لي لا أعبد ألذي فطرني، و معناه و لم لا أعبد اللّه ألذي خلقني و ابتداني و هداني (وَ إِلَيهِ تُرجَعُونَ) أي ألذي تردون اليه يوم القيامة حيث لا يملك الأمر و النهي غيره. ثم قال لهم منكراً علي قومه عبادتهم غير اللّه (أ أتخذ) أنا علي قولكم (مِن دُونِ اللّهِ) ألذي فطرني و أنعم علي (آلهة) أعبدهم!؟ فهذه همزة الاستفهام و المراد بها الإنكار، لأنه لا جواب لها علي أصلهم إلا ما هو منكر في العقول ثم قال (إِن يُرِدنِ الرَّحمنُ بِضُرٍّ) معناه ان أراد اللّه إهلاكي و الإضرار بي لا ينفعني شفاعة هذه الآلهة شيئاً، و لا يقدرون علي انقاذي من ذلک الضرر.
و لا يغنون عني شيئاً في هذا الباب. و إذا كانوا بهذه الصفة كيف يستحقون العبادة!؟ ثم قال (إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي إذاً لو فعلت ما تفعلونه و تدعون اليه من عبادة غير اللّه أكن في عدول عن الحق. و الوجه في هذا الاحتجاج أن العبادة لا يستحقها إلا من أنعم بأصول النعم و يفعل من التفضل ما لا يوازيه نعم منعم، فإذا كانت هذه الأصنام لا يصح فيها ذلک كيف تستحق العبادة!؟ ثم قال مخبراً عن نفسه مخاطباً لقومه (إني آمنت) أي صدقت (بربكم) ألذي خلقكم و أخرجكم من العدم إلي الوجود (فاسمعون) مني هذا القول.
و قيل: انه خاطب الرسل بهذا القول ليشهدوا له بذلك عند اللّه. و قال إبن مسعود: إن قومه لما سمعوا منه هذا القول وطؤه بأرجلهم حتي مات. و قال