الملائكة (ما ذا قال‌َ رَبُّكُم‌) ‌في‌ الدنيا (قالوا) ‌قال‌ (الحَق‌َّ وَ هُوَ العَلِي‌ُّ الكَبِيرُ) اي‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ المستعلي‌ ‌علي‌ الأشياء بقدرته‌، ‌لا‌ ‌من‌ علو المكان‌ (الكبير) ‌في‌ أوصافه‌ دون‌ ذاته‌، لأن‌ كبر الذات‌ ‌من‌ صفات‌ الأجسام‌. ‌ثم‌ ‌قال‌ ‌له‌ (قل‌) ‌لهم‌ (مَن‌ يَرزُقُكُم‌ مِن‌َ السَّماوات‌ِ وَ الأَرض‌ِ) فإنهم‌ ‌لا‌ يمكنهم‌ ‌ان‌ يقولوا يرزقنا آلهتنا ‌الّتي‌ نعبدها ف «قل‌» ‌لهم‌ عند ‌ذلک‌ ‌ألذي‌ يرزقكم‌ (اللّه‌) و قل‌ (وَ إِنّا أَو إِيّاكُم‌ لَعَلي‌ هُدي‌ً أَو فِي‌ ضَلال‌ٍ مُبِين‌ٍ) و ‌قيل‌: إنما ‌قال‌ (و إنا ‌او‌ إياكم‌) ‌علي‌ وجه‌ الانصاف‌ ‌في‌ الحجاج‌ دون‌ الشك‌، ‌کما‌ يقول‌ القائل‌ لغيره‌: أحدنا كاذب‌، و ‌إن‌ ‌کان‌ ‌هو‌ عالماً بالكاذب‌، و ‌علي‌ ‌هذا‌ ‌قال‌ ابو الأسود الدؤلي‌ يمدح‌ اهل‌ البيت‌:

يقول‌ الأرذلون‌ بنو قشير        طوال‌ الدهر ‌ما تنسي‌ علياً

أحب‌ محمداً حبا شديداً        و عباساً و حمزة و الوصيا

بنو عم‌ النبي‌ و أقربوه‌        أحب‌ ‌النّاس‌ كلهم‌ اليا

فان‌ يك‌ حبهم‌ رشدا أصبه‌        و لست‌ بمخطئ‌ ‌ان‌ ‌کان‌ غياً[1]

و ‌لم‌ يقل‌ ‌هذا‌ ‌مع‌ ‌أنه‌ ‌کان‌ شاكاً ‌في‌ محبتهم‌، و انه‌ هدي‌ و طاعة، و ‌قال‌ اكثر المفسرين‌: ‌إن‌ معناه‌ إنا لعلي‌ هدي‌ و إياكم‌ لعلي‌ ضلال‌ و ‌قال‌ ابو عبيدة (‌او‌) بمعني‌ الواو، ‌کما‌ ‌قال‌ الأعشي‌:

ا تغلبة الفوارس‌ ‌او‌ رياحا        عدلت‌ بهم‌ طهية و الحشايا[2]

بمعني‌ أ تغلبة و رياحا.

‌ثم‌ ‌قال‌ (قل‌) ‌لهم‌ ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ (‌لا‌ تسألون‌) معاشر الكفار (عَمّا أَجرَمنا) اي‌ عما اقترفناه‌ ‌من‌ المعاصي‌ (و ‌لا‌ نسأل‌) نحن‌ ايضاً (عما تعملون‌) أنتم‌ بل‌ ‌کل‌ إنسان‌ يسأل‌ عما يعمله‌، و ‌هو‌ يجازي‌ ‌علي‌ ‌ أي ‌ فعل‌ فعله‌ دون‌ غيره‌.