تبكيتاً لهم علي الاشراك به. ثم قال «بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ» حقيقة ما ذكرناه لعدولهم عن النظر في الدلالة المؤدية اليه. و قيل «بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ» ما لهم و عليهم في العبادة إن أخلصوها، او أشركوا فيها.
ثم قال «أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ» فاجابة دعاء المضطر هو فعل ما دعا به، لأجل طلبه، و ذلک لا يکون إلا من قادر عليه مختار له، لأنه يقع علي ما دعا به الداعي «وَ يَكشِفُ السُّوءَ» يعني الآلام يصرفها عنكم «وَ يَجعَلُكُم خُلَفاءَ الأَرضِ» أي يجعل أهل کل عصر يخلفون العصر الاول «أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ» يقدر علي ذلک ثم قال «قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» أي تفكرون قليلا بما قلناه و نبهنا عليه. ثم قال «أَمَّن يَهدِيكُم فِي ظُلُماتِ البَرِّ وَ البَحرِ» بما نصب لكم من الدلالات الّتي تستدلون بها، من الكواكب و غيرها (و من) ألذي (يُرسِلُ الرِّياحَ بُشراً بَينَ يَدَي رَحمَتِهِ) يعني بين يدي المطر و الغيث.
و من قرأ بالنون أراد ملقحات. و قيل: معناه منتشرة. و من قرأ بالباء أراد مبشرات بالمطر.
ثم نزه نفسه عن الاشراك به و اتخاذ إله معه فقال (تَعالَي اللّهُ عَمّا يُشرِكُونَ) ثم قال (أَمَّن يَبدَؤُا الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) يبدؤهم بأن يخترعهم ابتداء، ثم يعيدهم بعد أن يميتهم، و يعيدهم الي ما كانوا عليه (وَ مَن يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ وَ الأَرضِ) من السماء بالغيث و المطر، و من الإرض بالنبات و انواع الثمار (أَ إِلهٌ مَعَ اللّهِ) يقدر علي ذلک (قل) لهم يا محمّد (هاتُوا بُرهانَكُم) و حجتكم (إِن كُنتُم صادِقِينَ) في قولكم محقين في الاشراك معه، فإذا لم تقدروا علي اقامة البرهان علي ذلک، فاعلموا انه لا إله معه، و لا يستحق العبادة سواه، لان کل ما يکون حقاً من أمر الدين لا بد أن يکون عليه دلالة و برهان.