يوم يقول الله أين شركائي الّذين زعمتم، و لو کان بالنون لكان الأشبه بما بعده ان يکون جمعاً، فيقول شركاؤنا، فأما قوله «الَّذِينَ زَعَمتُم» فالراجع الي الموصول محذوف، و المعني الّذين زعمتموهم إياهم أي زعمتموهم شركاء، فحذف الراجع من الصلة، و لا بد من تقديره كقوله «أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولًا»[1] يقول الله تعالي لنبيه و اذكر الوقت ألذي قال الله فيه «لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ» و انهم «فَسَجَدُوا إِلّا إِبلِيسَ» و قد فسرناه فيما تقدم.[2] و قيل: إنما كرر هذا القول في القرآن لأجل ما بعده مما يحتاج الي اتصاله به، فهو كالمعني ألذي يفيد أمراً في مواضع كثيرة، و الاخبار عنه باخبار مختلفة، كقولهم برهان كذا كذا و برهان كذا كذا، للمعني ألذي يحتاج الي أحكامه في أمور كثيرة.
و قوله «كانَ مِنَ الجِنِّ» قيل معناه صار من الجن المخالفين لأمر الله.
و قال قوم: ذلک يدل علي أنه لم يكن من الملائكة، لأن الجن جنس غير الملائكة، کما ان الانس غير جنس الملائكة و الجن، و من زعم انه کان من الملائكة يقول:
معني کان من الجن يعني من الّذين يستترون عن الأبصار[3] لأنه مأخوذ من الجن و هو الستر، و منه الجن لأنه يستر الإنسان. و قال إبن عباس: نسب الي الجنان الّتي کان فيها، كقولك كوفي و بصري، و قال قوم: بل كانت قبيلته الّتي کان فيها يقال لهم الجن، و هم سبط من الملائكة. فنسب اليهم. و قال إبن عباس: لو لم يكن إبليس في الملائكة ما أمر بالسجود. و قال و هم يتوالدون کما يتوالد بنو آدم. و روي عكرمة عن إبن عباس في قوله تعالي «كانَ مِنَ الجِنِّ»