اللّه تعالي (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيكَ القُرآنَ)[1] أي انزل. و ارتفع (سورة) علي تقدير هذه (سورة) إلا انه حذف علي تقدير التوقع لما ينزل من القرآن. و السورة المنزلة الشريفة قال الشاعر:
ألم تر أن اللّه أعطاك سورة تري کل ملك دونها يتذبذب[2]
فسميت السورة من القرآن بذلك لهذه العلة. و الفرض هو التقدير- في اللغة- و فصل بينه و بين الواجب، بأن الفرض واجب بجعل جاعل، فرضه علي صاحبه، کما انه أوجبه عليه، و الواجب قد يکون واجباً من غير جعل جاعل، كوجوب شكر المنعم، فجري مجري دلالة الفعل علي الفاعل في انه يدل من غير جعل جاعل کما تجعل العلامة الوضعية، إلا أن اللّه تعالي لا يوجب علي العبد الا ما له صفة الوجوب في نفسه، کما لا يرغب الا في ما هو مرغوب في نفسه.
و قوله (أَنزَلنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ) فمعني (الآيات) الدلالات علي ما يحتاج إلي علمه مما قد بينه اللّه في هذه السورة، و نبه علي ذلک من شأنها لينظر فيه طالب العلم و يفوز ببغيته منه، و التقدير، و فرضنا فرائضها. و أضاف الفرائض الي السورة، و هي بعضها، لدلالة الكلام عليه، لأنها مفهومة منها و (بينات) معناه ظاهرات واضحات. و قوله (لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ) معناه لكي تذكروا الدلائل الّتي فيها، فتكون حاضرة لكم لتعملوا بموجبه و تلتزموا معانيه.
الزّانِيَةُ وَ الزّانِي فَاجلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مِائَةَ جَلدَةٍ وَ لا تَأخُذكُم بِهِما رَأفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ وَ ليَشهَد عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ (2) الزّانِي لا يَنكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَو مُشرِكَةً وَ الزّانِيَةُ لا يَنكِحُها إِلاّ زانٍ أَو مُشرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَي المُؤمِنِينَ (3)