أو ما يعظم عظم عبادة غيره، و کل مشرك كافر، و کل كافر مشرك. ثم قال تعالي «وَ مَن يُشرِك بِاللّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ» أي من أشرك بعبادة اللّه غير اللّه، کان بمنزلة من وقع من السماء، «فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ» أي تتناوله بسرعة و تستلبه. و الاختطاف و الاستلاب واحد. يقال: خطفه يخطفه خطفاً، و تخطفه تخطفاً إذا أخذه من کل جهة بسرعة. و قرا إبن عامر «فتخطفه» بتشديد الطاء، بمعني فتختطفه، فنقل فتحة الطاء الي الخاء، و أدغم التاء في الطاء. الباقون بالتخفيف، و هو الأقوي لقوله «إِلّا مَن خَطِفَ الخَطفَةَ»[1].
و قوله (أَو تَهوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) و السحيق البعيد. و المعني أن من أشرك باللّه غيره کان هالكاً بمنزلة من زل من السماء، و استلبه الطير و رمي به الريح في مكان بعيد، فانه لا يکون إلا هالكاً. و قيل: شبه المشرك بحال الهاوي في أنه لا يملك لنفسه نفعاً و لا ضراً يوم القيامة. و قيل: شبه أعمال الكفار أنها تذهب فلا يقدر علي شيء منها- في قول الحسن- و قوله «ذلِكَ وَ مَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَي القُلُوبِ» قال سيبويه: تقديره ذلک الأمر. من يعظم، فالشعائر علامات مناسك الحج كلها، منها رمي الجمار، و السعي بين الصفا و المروة و غير ذلک- في قول إبن زيد- و قال مجاهد: هي البدن، و تعظيمها استسمانها و استحسانها. و الشعيرة العلامة الّتي تشعر بها، لما جعلت له، و أشعرت البدن إذا علمتها بما يشعر أنها هدي.
و قوله «فَإِنَّها مِن تَقوَي القُلُوبِ» فالكناية في قوله «فإنها» تعود الي التعظيم.
و يجوز أن تعود الي الخصلة من التعظيم. و قيل: شعائر اللّه دين اللّه. و قوله «فَإِنَّها مِن تَقوَي القُلُوبِ» معناه إن تعظيم الشعائر من تقوي القلوب أي من خشيتها.