‌ثم‌ ‌قال‌ «أَ فَطال‌َ عَلَيكُم‌ُ العَهدُ» ‌ أي ‌ عهدي‌ و لقائي‌ فنسيتموه‌ «أَم‌ أَرَدتُم‌ أَن‌ يَحِل‌َّ عَلَيكُم‌» اي‌ يجب‌ عليكم‌ «غضب‌» اي‌ عقاب‌ «مِن‌ رَبِّكُم‌ فَأَخلَفتُم‌ مَوعِدِي‌» ‌ أي ‌ ‌ما وعدتموني‌ ‌من‌ المقام‌ ‌علي‌ الطاعات‌. و ‌قال‌ الحسن‌: معني‌ «أَ لَم‌ يَعِدكُم‌ رَبُّكُم‌ وَعداً حَسَناً» ‌في‌ الآخرة ‌علي‌ التمسك‌ بدينه‌ ‌في‌ الدنيا. و ‌قيل‌ ‌ألذي‌ وعدهم‌ اللّه‌ ‌به‌ التوراة، و ‌فيها‌ النور و الهدي‌ ليعملوا ‌بما‌ ‌فيها‌، و يستحقوا ‌عليه‌ الثواب‌. و كانوا وعدوه‌ ‌أن‌ يقيموا ‌علي‌ أمرهم‌، فأخلفوا، و قالوا جواباً لموسي‌ «ما أَخلَفنا مَوعِدَك‌َ بِمَلكِنا» ‌ أي ‌ ‌قال‌ المؤمنون‌: ‌لم‌ نملك‌ ‌أن‌ نرد ‌عن‌ ‌ذلک‌ السفهاء. ‌قال‌ قتادة و السدي‌: معني‌ «بملكنا» بطاقتنا. و ‌قال‌ ‌إبن‌ زيد: معناه‌ ‌لم‌ نملك‌ أنفسنا للبلية ‌الّتي‌ وقعت‌ بنا.

فمن‌ فتح‌ الميم‌: أراد المصدر. و ‌من‌ كسرها أراد: ‌ما يتملك‌. و ‌من‌ ضم‌ أراد:

السلطان‌ و القوة ‌به‌.

و ‌قوله‌ «وَ لكِنّا حُمِّلنا أَوزاراً مِن‌ زِينَةِ القَوم‌ِ» معناه‌ إنا حملنا أثقالا ‌من‌ حلي‌ آل‌ فرعون‌، و ‌ذلک‌ ‌أن‌ موسي‌ أمرهم‌ ‌ان‌ يستعيروا ‌من‌ حليهم‌-‌ ‌في‌ قول‌ ‌إبن‌ عباس‌ و مجاهد و السدي‌ و ‌إبن‌ زيد‌-‌ و ‌قيل‌: جعلت‌ حلالا ‌لهم‌. و ‌من‌ قرأ بالتشديد أراد ‌ان‌ غيرنا حملنا ‌ذلک‌ بأن‌ أمرنا بحمله‌.

و ‌قوله‌ «فَقَذَفناها» ‌ أي ‌ طرحنا تلك‌ الحلي‌، و مثل‌ ‌ذلک‌ «أَلقَي‌ السّامِرِي‌ُّ» ‌ما ‌کان‌ معه‌ ‌من‌ الحلي‌. و ‌قيل‌ «أَوزاراً» ‌ أي ‌ أثقالا ‌من‌ حلي‌ آل‌ فرعون‌، ‌لما‌ قذفهم‌ البحر أخذوها منهم‌. ‌ثم‌ اخبر ‌تعالي‌ ‌فقال‌: ‌إن‌ السامري‌ أخرج‌ لقوم‌ موسي‌ عجلا جسداً ‌له‌ خوار، فقيل‌ ‌ان‌ ‌ذلک‌ العجل‌ ‌کان‌ ‌في‌ صورة ثور صاغها ‌من‌ الحلي‌ ‌الّتي‌ كانت‌ معهم‌، ‌ثم‌ ألقي‌ عليها ‌من‌ أثر جبرائيل‌ شيئاً، فانقلب‌ حيواناً يخور‌-‌ ذكره‌ الحسن‌ و قتادة و السدي‌-‌ و (الخور) الصوت‌ الشديد كصوت‌ البقرة. و ‌قال‌ مجاهد: ‌کان‌ خواره‌ بالريح‌ ‌إذا‌ دخلت‌ ‌في‌ جوفه‌. و أجاز قوم‌ الأول‌، و قالوا: ‌إن‌ ‌ذلک‌ معجزة تجوز