فمن قرأ بالنون فلقوله «وَ حَناناً مِن لَدُنّا» و من قرأ بالتاء فلقوله «هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ» و لم يقل علينا، و هما سواء في المعني.
هذا حكاية ما قال اللّه تعالي لزكريا حين دعاه، فقال له «يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ» و البشارة الاخبار بما يظهر سروره في بشرة الوجه، يقال: بشره بشارة، و تبشيراً و أبشر بالأمر ابشاراً إذا استبشر به.
و قوله «بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيي» فالغلام اسم للذكر أول ما يبلغ، و قيل: إنه منه اشتق اغتلم الرجل إذا اشتدت شهوته للجماع. و قيل انما سمي يحيي، لان اللّه تعالي أحياه بالايمان- في قول قتادة- و قوله (لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا) قال إبن عباس: معناه لم تلد مثله العواقر ولداً. و قال مجاهد: لم نجعل له من قبل مثلا. و قال إبن جريج و قتادة و عبد الرحمن بن زيد بن اسلم، و السدي: معناه لم يسم أحداً باسمه. و قيل انه لم يسم احداً من الأنبياء باسمه قبله، فقال زكريا عند ذلک (أَنّي يَكُونُ لِي غُلامٌ) أي كيف يکون لي غلام (وَ امرَأَتِي عاقِرٌ) لا يلد مثلها «وَ قَد بَلَغتُ» أنا ايضاً «من» السن و «الكِبَرِ عِتِيًّا» فالعتي و العسي واحد، يقال عتا عتوا و عتياً، و عسي يعسو عسياً و عسواً فهو عات و عاس بمعني واحد، و العاسي هو ألذي غَيره طول الزمان الي حال اليبس و الجفاف. و قال قتادة: کان له بضع و سبعون سنة، فقال اللّه تعالي له «كذلك» هو ان الامر علي ما أخبرتك «قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ» أي ليس يشق علي خلق الولد من بين شيخ و عاقر لاني قادر علي کل شيء و كيف يعسر علي ذلک «وَ قَد خَلَقتُكَ» يا زكريا «من قبل» ذلک «وَ لَم تَكُ شَيئاً» اي لم تكن موجوداً و من نفي ان يکون المعدوم شيئاً استدل بذلك، فقال لو کان المعدوم شيئاً لما نفي ان يکون شيئاً قبل ذلک و حمل قوله «إِنَّ زَلزَلَةَ السّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ»[1] علي المجاز، و المعني انها إذا وجدت كانت