ثلاث آيات.
يقول اللّه تعالي لنبيه صلّي اللّه عليه و سلّم «يَسئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ» يا محمّد. و اختلفوا في الروح ألذي سألوا عنه. فقال إبن عباس: هو جبرائيل. و
روي عن علي (ع) أن الروح ملك من الملائكة له سبعون الف وجه في کل وجه سبعون الف لسان يسبح اللّه بجميع ذلک.
و قيل: هو روح الحيوان، و هو الأظهر في الكلام.
و قال قتادة: ألذي سأله عن ذلک قوم من اليهود. و قيل: الروح هو القرآن، ذكره الحسن، لقوله: «وَ كَذلِكَ أَوحَينا إِلَيكَ رُوحاً مِن أَمرِنا»[1] و اختاره البلخي، و قوي ذلک بقوله بعدها: «وَ لَئِن شِئنا لَنَذهَبَنَّ بِالَّذِي أَوحَينا إِلَيكَ» يعني القرآن، فقال اللّه تعالي لنبيه صلّي اللّه عليه و سلّم قل لهم «الرُّوحُ مِن أَمرِ رَبِّي» فعلي قول من قال: انهم سألوا عن القرآن أو عن جبرائيل او الملك أو روح الحيوان، فقد أجاب عنه لأنه قال: «مِن أَمرِ رَبِّي» أي من خلق ربي و فعله. و علي قول:
من قال انهم سألوه عن ماهية روح الإنسان، لم يجب، و انما عدل عن جوابهم، لأنهم وجدوا في كتابهم انه إن أجاب عن الروح، فليس بنبيّ، فأراد صلّي اللّه عليه و سلّم ان يصدق نبوته بموافقة امتناعه من الجواب، لما في كتابهم. و يقوي ذلک قوله:
«وَ ما أُوتِيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَلِيلًا» اي لم أعط من العلم الا شيئاً يسيراً، و الأكثر لا اعلمه، لان معلومات اللّه تعالي لا نهاية لها. و الروح من الأمور المتروكة الّتي لا يصلح النص عليها، لأنه ينافي الحكمة، لما فيه من الاستفساد. و انما اعلم ما نص لي عليه مما يقتضي المصلحة، و هو قليل من كثير.
و قيل ايضاً انهم لم يجابوا عن الروح، لان المصلحة اقتضت ان يحالوا علي ما في عقولهم من الدلالة عليه، لما في ذلک من الرياضة علي استخراج الفائدة، و ان ما طريقه السمع، فقد اتي به، و ما طريقه العقل، فإنما يأتي به مؤكداً لما في العقل لضرب من التأكيد، و لما فيه من المصلحة. و الروح جسم رقيق هوائي علي بنية حيوانية في کل جزء منه حياة، ذكره الرماني. و قال: کل حيوان،