ثلاث آيات.
اخبر اللّه تعالي انه ليس «مِن قَريَةٍ إِلّا» و اللّه تعالي مهلكها «قَبلَ يَومِ القِيامَةِ».
بكفر من فيها من معاصيهم جزاء علي أفعالهم القبيحة «أَو مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً» و المعني ان يکون إما الإهلاك و الاستئصال أو العذاب، و المراد بذلك قري الكفر و الضلال دون قري الإيمان. و قيل إن ذلک يکون في آخر الزمان، فيهلك اللّه کل قرية بعقوبة بعض من فيها، و يکون امتحاناً للمؤمنين الّذين فيها.
و قيل: ان المعني ما من قرية إلا و اللّه مهلكها إما بالموت لأهلها او عذاب يستأصلهم ثم اخبر أن ذلک كائن لا محالة، و لا يکون خلافه، لان ذلک مسطور في الكتاب يعني في اللوح المحفوظ، و المسطور هو المكتوب يقال: سطر سطراً، قال العجاج:
و اعلم بأن ذا الجلال قد قدر في الصحف الاولي الّتي کان سطر[1]
ثم قال «وَ ما مَنَعَنا أَن نُرسِلَ بِالآياتِ» يعني الآيات الّتي اقترحتها قريش من قولهم: حول لنا الصفا ذهباً و فجر لنا من الإرض ينبوعا، و غير ذلک، فأنزل اللّه الآية إني إن حولته، فلم يؤمنوا لم امهلهم كسنتي فيمن قبلهم، و هو قول قتادة و إبن جريج. و المنع وجود ما لا يصح معه وقوع الفعل من القادر عليه فكأنه قد منع منه، و لا يجوز إطلاق هذه الصفة في صفات اللّه و الحقيقة إنا لم نرسل بالآيات لئلا يكذب بها هؤلاء کما كذَّب من قبلهم، فيستحقوا المعاجلة بالعقوبة.
و قال قوم: يجوز أن يکون قوله تعالي «إِلّا أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ» تكون (إلا) زايدة، و تقديره ما منعنا ان نرسل بالآيات «أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ» أي لم يمنعنا ذلک من إرسالها بل أرسلناها مع تكذيب الأولين. و معني «ان كذب»