سَماواتٍ»[1] و بمعني فصل الحكم كقوله «وَ اللّهُ يَقضِي بِالحَقِّ»[2] و بمعني الأمر كقوله «وَ قَضي رَبُّكَ أَلّا تَعبُدُوا إِلّا إِيّاهُ»[3] و بمعني الاخبار كقوله «وَ قَضَينا إِلي بَنِي إِسرائِيلَ» اي أخبرناهم و أعلمناهم بما يکون من الامر المذكور، من انهم سيفسدون في الإرض مرتين، و يعلون علواً كبيراً، اي عظيماً اي يتجبرون علي عباد اللّه.
قال إبن عباس و قتادة: المبعوث عليهم في المرة الاولي جالوت الي ان قتله داود، و کان ملكهم طالوت.
و قال سعيد إبن المسيب: هو بخت نصر، و قال سعيد بن جبير: هو سنحاريب و قال الحسن: هم العمالقة، و كانوا كفاراً.
و الفساد ألذي ذكره: هو قتلهم النّاس ظلماً و تغلبهم علي أموالهم قهراً و اخراب ديارهم بغيا.
و الآية تدل علي ان قضاء اللّه بالمعاصي هو اخباره انها تكون.
و قوله «فلما جاء وعد أولاهما» يعني وقت فناء آجالهم و وقت عقوباتهم.
و الوعد هو الموعود به- هاهنا- و وضع المصدر موضع المفعول به.
و قوله «بَعَثنا عَلَيكُم عِباداً لَنا أُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ» قيل في معني (بعثنا) قولان:
أحدهما- قال الحسن: انا خلّينا بينهم و بينكم، خاذلين لكم، جزاء علي كفركم، و معاصيكم، کما قال: «أَنّا أَرسَلنَا الشَّياطِينَ عَلَي الكافِرِينَ تَؤُزُّهُم أَزًّا»[4] الثاني- قال ابو علي: امرناهم بقتالكم. و قوله «فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ» اي تردّدوا و تخللوا بين الدور، يقال: جست أجوس جوساً و جوساناً، قال حسان: