تكذيب الرسل، و جحد توحيده، و انكار رسله، فأهلكهم اللّه فما ألذي يؤمّن هؤلاء أن يهلكهم.
ثم اخبر تعالي انه بإهلاكه إياهم لم يظلمهم، و لكن هم الّذين ظلموا أنفسهم فيما مضي بالمعاصي الّتي استحقوا بها الهلاك.
ثم اخبر تعالي انه أصابهم يعني الكفار جزاء سيئات أعمالهم، و هي القبائح، «و حاق بهم» اي حلّ بهم و بال «ما كانُوا بِهِ يَستَهزِؤُنَ» أي يسخرون برسل اللّه و بأنبيائه.
وَ قالَ الَّذِينَ أَشرَكُوا لَو شاءَ اللّهُ ما عَبَدنا مِن دُونِهِ مِن شَيءٍ نَحنُ وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمنا مِن دُونِهِ مِن شَيءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَهَل عَلَي الرُّسُلِ إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ (35)
آية بلا خلاف.
حكي اللّه تعالي عن المشركين مع اللّه إلهاً آخر و معبودا سواه أنهم قالوا «لَو شاءَ اللّهُ» اي لو أراد اللّه لم نكن نعبد شيئاً من دونه، من الأصنام و الأوثان، لا «نَحنُ وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمنا» من قبل نفوسنا شيئا، بل أراد اللّه ذلک منا، فلذلك فعلنا، کما يقول المجبرة الضلال، فكذبهم اللّه و أنكر عليهم، و قال مثل ذلک فعل الّذين من قبلهم، من الكفار الضلال كذبوا رسل اللّه، و جحدوا أنبياءه ثم عذر أنبيائه، فقال «فَهَل عَلَي الرُّسُلِ إِلَّا البَلاغُ» الظاهر اي ليس عليهم إلا ذلک. و في ذلک إبطال مذهب المجبرة، لأن اللّه أنكر عليهم قولهم إنه «لَو شاءَ اللّهُ ما عَبَدنا مِن دُونِهِ مِن شَيءٍ» و مثل هذه الآية الّتي في الانعام[1] و قد بيناها مستوفاة.