أحدهما- ما كنا نعمل من سوء عند أنفسنا، لأنهم في الآخرة ملجؤون الي ترك القبيح و الكذب، ذكره الجبائي. و قال الحسن و إبن الأخشاد: في الآخرة مواطن يلجئون في بعضها دون بعض، ثم بين انه تعالي يقول لهم «فَادخُلُوا أَبوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها» اي مؤبدين فيها «فَلَبِئسَ مَثوَي المُتَكَبِّرِينَ» قسم من اللّه تعالي انها بئس المأوي لمن تكبر علي اللّه، و لم يعمل بطاعته، «وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوا ما ذا أَنزَلَ رَبُّكُم» اي اي شيء «أَنزَلَ رَبُّكُم قالُوا خَيراً» علي معني ما ذا، و المعني انزل اللّه خيراً، و انما نصب (خيراً) هاهنا بعد قوله «قالوا» و رفع «أساطير» فيما تقدم لأمرين.
أحدهما- انهم جحدوا التنزيل، فقالوا إنما هي أساطير الأولين و أقر المؤمنون بالتنزيل، فقالوا أنزل ربنا خيراً.
و الثاني- قال سيبويه ان يکون الرفع علي تقدير ما ألذي انزل ربكم فيكون ذا بمعني ألذي، و في النصب يکون (ذا، و ما) بمنزلة اسم واحد.
و قوله «لِلَّذِينَ أَحسَنُوا الحُسني» يحتمل ان يکون من كلام من قال خيراً، و يحتمل ان يکون اخباراً من اللّه تعالي، و هو الأقوي، لأنه ابلغ في باب الدعاء الي الإحسان، فأجاز الحسن و الزجاج كلا الوجهين، و المعني ان للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة مكافأة لهم في الدنيا قبل الآخرة خيراً «وَ لَنِعمَ دارُ المُتَّقِينَ» يعني الجنة الّتي يدخلها الّذين اتقوا معاصي اللّه و فعلوا طاعاته.
جَنّاتُ عَدنٍ يَدخُلُونَها تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ لَهُم فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجزِي اللّهُ المُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيكُم ادخُلُوا الجَنَّةَ بِما كُنتُم تَعمَلُونَ (32)
آيتان بلا خلاف.