‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ النحل‌ (16): الآيات‌ 28 ‌الي‌ 30]

الَّذِين‌َ تَتَوَفّاهُم‌ُ المَلائِكَةُ ظالِمِي‌ أَنفُسِهِم‌ فَأَلقَوُا السَّلَم‌َ ما كُنّا نَعمَل‌ُ مِن‌ سُوءٍ بَلي‌ إِن‌َّ اللّه‌َ عَلِيم‌ٌ بِما كُنتُم‌ تَعمَلُون‌َ (28) فَادخُلُوا أَبواب‌َ جَهَنَّم‌َ خالِدِين‌َ فِيها فَلَبِئس‌َ مَثوَي‌ المُتَكَبِّرِين‌َ (29) وَ قِيل‌َ لِلَّذِين‌َ اتَّقَوا ما ذا أَنزَل‌َ رَبُّكُم‌ قالُوا خَيراً لِلَّذِين‌َ أَحسَنُوا فِي‌ هذِه‌ِ الدُّنيا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ وَ لَنِعم‌َ دارُ المُتَّقِين‌َ (30)

ثلاث‌ آيات‌ بلا خلاف‌.

قرأ حمزة «‌الّذين‌ يتوفاهم‌» بالياء. الباقون‌ بالتاء، ‌من‌ قرأ بالتاء فلتأنيث‌ لفظة الملائكة، و ‌من‌ قرأ بالياء، فلأن‌ التأنيث‌ ‌غير‌ حقيقي‌ و ‌قد‌ مضي‌ نظيره‌ كثيراً.

يقول‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌ان‌ الخزي‌ اليوم‌ و السوء ‌علي‌ الكافرين‌، ‌الّذين‌ يتوفاهم‌ الملائكة ظالمي‌ أنفسهم‌ و «‌الّذين‌» ‌في‌ موضع‌ الجر بأنه‌ بدل‌ ‌من‌ الكافرين‌ و انما ‌قال‌ ‌ذلک‌ ليعلم‌ ‌به‌ ‌ان‌ الوعيد يتناول‌ ‌من‌ ‌کان‌ مات‌ ‌علي‌ كفره‌، لأنه‌ ‌ان‌ تاب‌ ‌لم‌ يتوجه‌ الوعيد اليه‌، و معني‌ «تَتَوَفّاهُم‌ُ المَلائِكَةُ» ‌ أي ‌ تقبض‌ أرواحهم‌ بالموت‌ ظالمي‌ أنفسهم‌ ‌بما‌ فعلوه‌ ‌من‌ ارتكاب‌ المعاصي‌ ‌الّتي‌ استحقوا بها العقاب‌. و الظالم‌ ‌من‌ فعل‌ الظلم‌، و يصح‌ ‌ان‌ يظلم‌ الإنسان‌ نفسه‌ ‌کما‌ يظلم‌ غيره‌.

و ‌قوله‌ «فَأَلقَوُا السَّلَم‌َ» اي‌ استسلموا للحق‌ حين‌ ‌لا‌ ينفعهم‌ السلم‌، يعني‌ الانقياد و الإذعان‌.

و ‌قوله‌ «ما كُنّا نَعمَل‌ُ مِن‌ سُوءٍ» اي‌ قالوا ‌ما عملنا ‌من‌ سوء، فكذبهم‌ اللّه‌، و ‌قال‌ «بلي‌» ‌قد‌ فعلتم‌ و اللّه‌ عالم‌ ‌بما‌ كنتم‌ تعملون‌ ‌في‌ الدنيا ‌من‌ المعاصي‌ و غيرها.

و ‌قيل‌ ‌في‌ معني‌ ‌ذلک‌ قولان‌: