و منها انه ليس لاحد اتهامه بالسرقة مع إمكان جعله في رحله بما لا صنع له فيه.
و منها اغمام أبيه بالأمر اليسير ليزيل عنه الغم العظيم، و تأتيه البشري بسلامتهما علي أجمل حال يتمني لهما، و ذلک يحسن و لا يقبح.
يا بَنِيَّ اذهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيأَسُوا مِن رَوحِ اللّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللّهِ إِلاَّ القَومُ الكافِرُونَ (87)
آية بلا خلاف.
هذا إخبار عما قال يعقوب لبنيه بعد ان قال ما تقدم ذكره «يا بَنِيَّ اذهَبُوا فَتَحَسَّسُوا» و التحسس طلب الشيء بالحاسة فاما طلبه بالدعاء الي فعله، فلا يسمي تحسساً، و التحسس و التجسس بالحاء و الجيم بمعني واحد.
«وَ لا تَيأَسُوا مِن رَوحِ اللّهِ» اي لا تقطعوا رجاءكم منه. و الروح و الفرج نظائر، و هو رفع ترح بلذة، مأخوذ من الريح الّتي تأتي بما فيه اللذة.
و قوله «إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرُونَ» اخبار منه بأن ألذي يائس من رحمة اللّه الكافرون، و ذلک يدل علي ان الفاسق الملّي لا ييأس منه، بخلاف ما يقوله اهل الوعيد، و قد أجاب عن ذلک اهل الوعيد بجوابين:
أحدهما- ان ذلک علي وجه التغليب، فيدخل فيه الفاسق في الجملة.
و الثاني- أنه لا ييأس في حال التكليف إلا الكافر ألذي لا يعرف اللّه تعالي، فاما من يعرف اللّه فانه لا ييأس منه، لأنه يسوّف التوبة.
فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيهِ قالُوا يا أَيُّهَا العَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهلَنَا الضُّرُّ وَ جِئنا بِبِضاعَةٍ مُزجاةٍ فَأَوفِ لَنَا الكَيلَ وَ تَصَدَّق عَلَينا إِنَّ اللّهَ يَجزِي المُتَصَدِّقِينَ (88)