أخبر اللّه تعالي انه ظهر لهم من بعد ما رأوا الآيات، يقال بدا يبدو بدواً، و بدأَ و البداء في الرأي التلون فيه، لأنه كلما ظهر رأي مال اليه، و انما قال «لهم» و لم يقل (لهن) مع تقدم ذكر النسوة، لامرين: أحدهما- قال الحسن انه أراد بذلك الملك. و الثاني- انه أراد ذكر الذكور معهنّ من أعوانها فغلب المذكر، فقال لهم، قال الرماني: و فاعل (بدا) مضمر و تقديره ثم بدا لهم بداء، و دل عليه قوله «ليسجننه».
و الآيات الّتي رأوها، قال قتادة: هو قدّ القميص و حز الايدي و قال غيره:
هو قطع الايدي و الاستعظام، و قدّ القميص.
و قوله «ليسجننه» انما هو فعل المذكر کما قال «بدا لهم» و لم يقل (لهن) و دخلت النون الثقيلة جواباً للقسم و ليس بفعل المؤنث، و لو کان علي صيغة فعل المؤنث قيل (ليسجنَّ) (و ليقتلنّ) ثم تدخل عليها نون التأكيد الشديدة فيصير ليسجنانه كقولك تقتلنانه.
و قوله «حتي حين» ف (حتي) تنصرف علي اربعة أوجه، تكون حرف جر، و حرف عطف، و ناصبة للفعل، و حرف من حروف الابتداء، فالجارّة نحو هذه الّتي في الآية، و العاطفة كقولهم خرج النّاس حتي الأمير، و الناصبة كقوله «حَتّي يَأتِيَ وَعدُ اللّهِ»[1]، و حرف الابتداء كقولك سرحت القوم حتي زيد مسرّح.