ما نقول في سبب الخلاف الا اعتراك، فحذف، لان الحال يقتضي ان كلامهم في الخلاف و سببه.
و قوله «قالَ إِنِّي أُشهِدُ اللّهَ» اخبار عما أجابهم به هود بأن قال: اشهد اللّه علي ادائي إليكم و نصحي إياكم، و علي ردكم ذلک علي و تكذيبكم اياي و «اشهدوا» أنتم ايضاً انني بريء مما تشركون، و انما اشهدهم- علي ذلک و ان لم يكونوا اهل شهادة من حيث كانوا كفاراً فساقاً- اقامة للحجة عليهم لا لتقوم الحجة بهم، فقيل هذا القول اعذاراً و إنذاراً، و يجوز ان يکون يريد بذلك اعلموا کما قال «شهد اللّه» بمعني علم اللّه.
مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنظِرُونِ (55)
آية بلا خلاف.
في هذه الاية دلالة علي صحة النبوة، لأنه قال لقوم من اهل البأس و النجدة «فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنظِرُونِ» اي لا تمهلوني ثقة بأنهم لا يصلون اليه بسوء، لما وعده اللّه (عز و جل) من العز و الغلبة. و مثله قال نوح لقومه «فَأَجمِعُوا أَمرَكُم وَ شُرَكاءَكُم ثُمَّ لا يَكُن أَمرُكُم عَلَيكُم غُمَّةً ثُمَّ اقضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنظِرُونِ»[1] و
قال نبينا صلّي اللّه عليه و سلّم «فَإِن كانَ لَكُم كَيدٌ فَكِيدُونِ»
[2].
و الفرق بين الانظار و التأخير ان الانظار امهال لينظر صاحبه في أمره، و التأخير خلاف التقديم من غير تضمين.
و في هذه الاية تضمين بما قبلها، لان التقدير اني بريء مما تشركون من دونه، و هاهنا يحسن الوقف و يحسن ايضاً ان يقف علي قوله «تشركون» کان ذلک وقفاً كافياً، لأنه يحسن الوقف عليه، و لا يحسن استئناف ما بعده. و اما الوقف التام