قال اللّه تعالي «فَأَغشَيناهُم فَهُم لا يُبصِرُونَ»[1] و قال «فَغَشّاها ما غَشّي»[2] و قال «كَأَنَّما أُغشِيَت وُجُوهُهُم»[3] و حجتهما أنه أشبه بما بعده، لأنه قال «وَ يُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً» فكما أن (ينزل) مسند الي اسم اللّه كذلك «يغشي».
و «الغشيان» لباس الشيء ما يتصل به، و منه غشي الرجل امرأته، فكأن النعاس قد لابسهم بمخالطته إياهم. و «النعاس» ابتداء حال النوم قبل الاستثقال فيه، و هو السنة، تقول: نعس ينعس نعاساً فهو ناعس. و حكي الفراء أنه سمع نعسان.
و «الأمنة» الدعة الّتي تنافي المخافة، تقول: أمن أمناً و أماناً و أمنة. و انتصب «أمنة» بأنه المفعول له، و العامل فيه «يغشي».
و قوله «وَ يُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً» يعني مطراً و غيثاً.
و قوله: «لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَ يُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطانِ» قال إبن عباس: معناه يذهب عنكم وسوسة الشيطان، بأنه غلبكم علي الماء المشركون حتي تصلوا و أنتم مجنبين، لأن المسلمين باتوا ليلة بدر علي غير ماء، فأصبحوا مجنبين، فوسوس اليهم الشيطان، فيقول: تزعمون أنكم علي دين اللّه و أنتم علي غير الماء تصلون مجنبين، و عدوكم علي الماء، فأرسل اللّه عليهم السماء، فشربوا و اغتسلوا و أذهب به وسوسة الشيطان، و كانوا في رمل تغوص فيه الأقدام، فشدده المطر حتي تثبت عليه الرجال فهو قوله «وَ يُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ». و الهاء في «به» راجعة الي الماء. و قال إبن زيد:
يذهب بوسوسته أنه ليس لكم بهؤلاء طاقة. و قال الجبائي: لان الاحتلام بوسوسة الشيطان.
و قوله «وَ لِيَربِطَ عَلي قُلُوبِكُم» معناه ليشد عليها بما يسكنها و قوله «وَ يُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال إبن عباس و مجاهد و الضحاك و أكثر المفسرين: لتلبيده الرمل