من بيتك. و الحق ألذي جادلوا فيه هو القتال في قول مجاهد. و «بيتك» يراد به المدينة، أخرجه اللّه الي بدر- في قول إبن جريج، و إبن أبي نجيح و اكثر المفسرين- و وجه كراهية القتال- ما ذكره إبن عباس- من ان أبا سفيان لما اقبل بعير قريش من الشام فيها أموالهم، ندب النبي صلي الله عليه و آله المسلمين الي الخروج اليها، قال لعل اللّه أن ينفلكموها، فانتدب اليهم، فخف بعضهم، و ثقل بعضهم، و لم يظنوا أن رسول اللّه ملقي كيداً و لا حزناً، و هو قول السدي و المفسرين. و اختلفوا في المؤمنين الّذين كرهوا القتال، و جادلوا النبي صلي الله عليه و آله. فقال قوم: أراد به أهل الايمان يوم بدر- ذكر ذلک عن إبن عباس، و إبن إسحاق- و قال قوم: عني المشركين- ذهب اليه إبن زيد- و قال: هؤلاء المشركون جادلوه في الحق كأنما يساقون إلي الموت حين يدعوهم الي الإسلام، و هم ينظرون، قال و تكون هذه صفة مبتدأة لأهل الكفر. و قول إبن عباس هو الظاهر، و عليه اكثر المفسرين، و هو ان هذا صفة للمؤمنين لكن كرهوا ذلک كراهية الطبع، لكونهم غير مستعدين للقتال، و لقلتهم و كثرة المشركين، و يقوي ذلک قوله بعد هذه الآية «وَ إِذ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحدَي الطّائِفَتَينِ أَنَّها لَكُم وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم» فبين بذلك انهم كانوا يودون العير دون الحرب.
و قوله «بَعدَ ما تَبَيَّنَ» انك يا محمّد لا تصنع إلا ما أمرك اللّه به. و قال إبن عباس معناه يجادلونك في القتال بعد ما أمرت به. و الجدل شدة الفتل و منه قولهم: جدلت الزمام إذا شددت فتله، و الأجدل الصقر لشدته.
و قوله «كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَي المَوتِ وَ هُم يَنظُرُونَ» معناه كأن هؤلاء الّذين يجادلونك في لقاء العدو في كراهتهم للقتال إذا دعوا اليه و صعوبته عليه بمنزلة من يساق الي الموت، و هم يرونه أو يتوقعونه.
و السوق الحث علي السير عجلة. و الإخراج في الاية معناه الدعاء الي الخروج ألذي يقع به، تقول: أخرجه فخرج اي دعاه فخرج، و مثله أضربت زيداً عمراً،