في هذه الآية اخبار من اللّه تعالي عما أمر به- عزّ و جلّ- نوحاً عليه السلام حين أيأسه من ايمان قومة فيما بعد، و أنه مهلكهم بالطوفان. بأن يتخذ الفلك و يصنعها، و الصنع جعل الشيء موجوداً بعد أن کان معدوماً، و مثله الفعل، و ينفصلان من الحدوث من حيث أن الصنعة تقتضي صانعاً، و الفعل يقتضي فاعلا من حيث اللفظ، و ليس كذلك الحدوث، لأنه يفيد تجدد الوجود لا غير. و الصناعة الحرفة الّتي يكتسب بها، و الفلك السفينة، و يکون ذلک واحداً و جمعاً، کما قيل في أُسد و أَسد قالوا: في فلك و فلك، لأن (فعلا و فعلا) جمعهما واحد، و يأتيان بمعني واحد كثيراً يقال عجم و عجم، و عرب و عرب، و مثله فلك و فلك.
و الفلك و الفلكة يقال لكل شيء مستدير أو شيء فيه استدارة، و تفلك ثدي المرأة إذا استدار، و منه الفلك. و قوله «بأعيننا» معناه بحيث نراها و كأنها تري بأعين علي طريق المبالغة، و المعني بحفظنا إياك حفظ من يراك و يملك دفع السوء عنك.
و قال الجبائي بأعين أوليائنا من الملائكة الّذين يعلمونك كيفية عملها، و الموكلين بك. و قيل: معناه بعلمنا. و قوله «و وحينا» اي علي ما أوحينا اليك من صفتها و حالها. قال إبن عباس: أمره اللّه تعالي ان يبنيها علي هيئة جؤجؤ الطائر. و يجوز أن يکون المراد بوحينا اليك أن اصنعها. و قوله «وَ لا تُخاطِبنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُغرَقُونَ» نهي لنوح عليه السلام أن يراجع اللّه تعالي و يخاطبه و يسأله في أمرهم
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 5 صفحه : 482