و قد علتني ذرأة بادي بدي و ريثة تنهض في تشددي[1]
و قال آخر:
اضحي لخالي شبهي بادي بدي و صار للفحل لساني و يدي[2]
و قوله «وَ ما نَري لَكُم عَلَينا مِن فَضلٍ» تمام الحكاية عن كفار قوم نوح و انهم قالوا لنوح: إنا لا نري لك و لامثالك علينا زيادة خير، لأن الفضل هو زيادة الخير، و انما قالوا ذلک، لأنهم جهلوا في طريقة الاستدلال. و قوله «بَل نَظُنُّكُم كاذِبِينَ» ايضاً تمام الحكاية عن كفار قومه أنهم قالوا له و لمن آمن معه هذا القول.
قالَ يا قَومِ أَ رَأَيتُم إِن كُنتُ عَلي بَيِّنَةٍ مِن رَبِّي وَ آتانِي رَحمَةً مِن عِندِهِ فَعُمِّيَت عَلَيكُم أَ نُلزِمُكُمُوها وَ أَنتُم لَها كارِهُونَ (28)
قرأ حمزة و الكسائي و حفص «فعميت» بضم العين و تشديد الميم. الباقون بتخفيف الميم و فتح العين. و قال ابو علي: من قرأ «فعميت» بالتخفيف فلقوله «فَعَمِيَت عَلَيهِمُ الأَنباءُ يَومَئِذٍ»[3] و هذه مثلها، و يجوز في قوله (فعميت) أمران:
أحدهما- ان يکون عموا هم، الا تري ان الرحمة لا تعمي و انما يعمي عنها، فيكون هذا من المقلوب، كقولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي، و أدخلت الخاتم في أصبعي و نحو ذلک مما يقلب إذا زال الاشكال. و الاخر- ان يکون معني عميت خفيت كقول الشاعر:
و مهمه أطرافه في مهمه أعمي الهدي في الحائرين العمه[4]